خطبة التحذير من الربا الشيخ محمد بن صالح العثيمين

التحذير من الربا
السبت 1 جانفي 2000    الموافق لـ : 24 رمضان 1420
تحميل الخطبة

تفريغ الخطبة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرورأنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102) )يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1) )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) (الأحزاب:70) )يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب:71)  

أما بعد

أيها الناس إتقوا الله تعالى وأحذروا أسباب سخطه وعقابه إحذورا ما حذركم الله منه إن كنتم مؤمنين إحذروا الربا فإنه من أسباب لعنة الله ومغته إحذورا الربا فإنه من أسباب لعنة الله ومغته إحذروا الربا فإنه من أسباب لعنة الله ومغته إن الربا من أكبر الكبائر التي حذر الله عنها في كتابه وحذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته وأجمع المسلمون على تحريمه إسمعوا قول الله عز وجل )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (البقرة:278) )فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِه)(البقرة: من الآية279) من منكم يا أيها العباد الضعفاء من منكم يستطيع أن يعلن الحرب مع الله ورسوله؟ ) اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(البقرة: من الآية278) )فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ)(البقرة: من الآية279) إن المرابي معلن بالحرب على الله ورسوله إسمعوا قول الله عز وجل )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (آل عمران:130) )وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) (آل عمران:131) )وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (آل عمران:132) واسمعوا قول الله عالم السر والجهر عالم ما كان وما سيكون إسمعوا قوله )الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة:275) )يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) (البقرة:276) إسمعوا هذه الآيات العظيمة وما تتضمنه من التحذير من الربا والوعيد عليه إسمعوا هذه الآيات وأفهموها وعوها ونفذوها فإن لم تفهموها فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون أو قارنوا ما قاله المفسرون فيها إن كنتم تقدرون فقد شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله في تفسير الآية الثالثة ذكر الله الظالمين أهل الربا والمعاملات الخبيثة وأخبر أنهم يجازون بحسب أعمالهم فكما كانوا في الدنيا في طلب كسب المكاسب الخبيثة كالمجانين عوقبوا في البرزخ والقيامة بأنهم لا يقومون من قبورهم لا يقومون من قبورهم يوم بعثهم ونشورهم إلا كما الذي يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس أي من الجنون والصرع ولقد صدق شيخنا رحمه الله فإن المرابين كالمجانين لا يعون موعظة ولا يرعون عن معصية نسأل الله لنا ولهم الهداية والعافية ، أيها الناس هذا ما قاله ربكم وإلاهكم وأما ما قاله نبيكم صلى الله عليه وسلم فأسمعوا إلى ما صح عنه من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء رواه مسلم ، هولاء الخمسة ملعونون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه كاتبه وشاهداه لم ينتفعا به لكنهم أعانوا على ثبوته ورضوا به وقرروه ، إسمعوا ما صح عنه أي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ثمرة بن جندب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في منامه ورؤيه الأنبياء وحي رأى في منامه نهراً من دم فيه رجل قائم وعلى شط النهر رجل بين يديه حجارة فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد أن يخرج رماه الرجل الذي على شط النهر بحجر في فمه فرده حيث كان فجعل الرجل الذي في نهر الدم كلما جاء ليخرج رماه الرجل الذي على شط النهر بحجر في فمه فيرجع كما كان فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الرجل الذي مصرعاه في نهر الدم فقيل هذا آكل الربا رواه البخاري ، وأسمعوا ما رواه أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى ليلة إسري به على قوم بطونهم كالبيوت فيها الحيات ترى من خارج بطونهم فقلت من هولاء يا جبريل . قال هولاء أكلة الربا ، وأسمعوا ما جاء في الحديث : (الربا ثلاثة وسبعون بابا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه) رواه الحاكم وله شواهد ، أيها المسلمون لقد بيّنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته الربا أين يكون. وكيف يكون؟ بيّنه صلوات الله وسلامه عليه بياناً شافياً واضحا إلا لمن به مرض  أو عمى لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل يداً بيد فمن زاد أو إستزداد فقد أربى الآخذ والمعطي فيه سواء) ورواه مسلم ، وفي لفظ له (فإذا أختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد) صلوات الله وسلامه على نبيه ما أبلغ كلامه وما أبينه وما أفصحه لقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أنها هذه الأصناف الستة إذا بيع الشيء منها بمثله مثل أن يباع الذهب بالذهب فلا بد فيه من شرطين إثنين أحدهما أن يتساويا في الوزن والثاني أن يتقابض الطرفان في مجلس العقد فلا يتفرقا وفي ذمة أحدهما شيءٌ للآخر فلو باع شخصٌ ذهباً بذهب بذهب يزيد عليه وزنا ولو زيادة يسيره فهو ربا حرام والبيع باطل ولو باع ذهبا بذهب مثله في الوزن ولكن تفرقا قبل القبض فهو ربا حرام والبيع باطل وبيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذه الأصناف الستة إذا بيع أحدها بجنس آخر فلا بأس أن يكون أحدهما أكثر من الآخر ولكن لا بد من التقابض من الطرفين في مجلس العقد بحيث لا يتفرقان وفي ذمة أحدهما للآخر شيء فلو باع ذهب بفضة وتفرقا قبل القبض فهو ربا حرام والبيع باطل ، أيها الناس لقد كان التعامل سابقا بالذهب والفضة وأصبح التعامل الآن بالأوراق النقدية بدلا عنها والبدل له حكم المبدل فلا يجوز التفرق قبل القبض إذا أبدلت أوراقا نقدية بجنسها أو بغير جنسها فلو قلت لشخص خذ هذه الورقة ذات المائة أصرفها لي بورقتين ذواتي خمسين فإنه يجب عليك أن تسلم وتستلم قبل التفرق فإن تأخر القبض أن تسلم وتستلم قبل التفرق فإن تأخر القبض من الطرفين أو أحدهما فقد وقعا في الربا ولقد صار من المعلوم عند الناس صار من المعلوم عند الناس أنك لو أخذت من شخص مائة ريال من الورق النقدي بمائة وعشرة مؤجلة إلى سنة أو أقل أو أكثر لكان ذلك ربا وهذا حق فإن هذه المعاملة من الربا الجامع بين ربا الفضل وربا النسيئة فإن الربا المقصود هو الزريعة ولكن من المؤسف أن كثيرا من المسلمين صاروا يتحيلون على هذا الربا بأنواع من الحيل والحيلة أن يتوصل الشخص إلى  الشيء المحرم بشيء ظاهره الحل فيستحل محارم الله بأدنى الحيل وإن الحيلة على محارم الله الحيلة على محارم الله أيها المسلم إنها خداع ومكر يخادع بها العبد ربه يخادع بها من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور أفيظن هذا المخادع الذي لاذ بخديعته أن أمره سيخفى على الله أفلا يقرأ قول الله عز وجل ) وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ)(البقرة: من الآية235) أليس في نيته وقرارة نفسه أنه يريد ما حرم الله ولكنه يسكوه بثوب من الخداع والمكر لا ينبغي إلا على مثله ممن جعل الله على بصره غشاوة ، أيها المسلمون أن الحيّل على الربا لا تزيد الربا إلا قبحا إنها تجمع بين مفسدتي الربا والخداع والمكر )يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) (البقرة:9) إن الحيّل على الربا كثيرة ولكن أكثرها شيوعا بين الناس اليوم أن يبيع الرجل لشخص فيقول له إني أريد كذا وكذا من الدراهم فهل لك أن تدينني العشرة أحدى عشرة أو إثني عشرة أو أقل أو أكثر حسب ما يتفقان عليه ثم يذهب الطرفان إلى صاحب دكان عنده بضاعة مرصوصة معدة لتحصيل الربا قد يكون لها عدة سنوات إما خامٍ أو سكرٍ أو رزٍ أو .. أو غيرها مما يتفق عند صاحب الدكان أو يذهبان إلى صاحب معرض سيارات لم تكن داخلة في ملك المدين ولكنه يشتريها ليدين هذا الرجل كأنما أقرضه بربح أيظن هولاء أنهم خرجوا من الربا بمثل هذه الصورة؟ لا والله إنهم لا يشترون هذا شراء حقيقيا ولكنهم يشترونه شراءاًَ صورياًً لا حقيقياً أقول شراءهم صوريا لا حقيقيا لأنهم لم يقصدوا السلعة من الأصل بل لو وجدوا أي سلعة يقضون بها القرض لأشتروها ثم إن المشتري لا يقلب السلعة ولا يمحصها ولا يكاثر في الثمن وربما كانت السلعة معيبة أفسدها طول الزمن أو أكلتها الأرضة وهو لا يعلم ثم بعد هذا الشراء الصوري. يتصدى الصوري أيضا فيعدها وهو بعيد عنها وربما أدرك يده عليها تحقيقا للقصد كما يزعمون ثم يبيعوها على المدين بالربح الذي أشترطا عليه ولا أدري هل يتصدى المدين لقرضها ذلك القرض الصوري قبل بيعها على صاحب الدكان ، فإذا أشتراها صاحب الدكان سلم للمدين الدراهم وخرج بها قال شيخ الإسلام بن تيميه رحمه الله وناهيك به حفظا علما وفهما ودينا وثقة وأمانة قال شيخ الإسلام رحمة الله عليه في الصفحة السابعة بعد المائة من كتاب إصدار التحليل لقد بلغني أن من الباعة من أعدّ بزا لتحليل الربا والبز نوع من القماش فإذا جاء الرجل إلى من يريد أن يأخذ منه ألفا بألف ومائتين ذهبا إلى ذلك المحلل وأشترى منه المعطي ذلك البز ثم يعيده للآخذ ثم يعيده الآخذ إلى صاحبه وقال فيه أيضا فيا سبحان الله العظيم أيعود الربا أيعود الربا الذي قد عظّم الله شأنه في القرآن وأوجب محارب مستحله ولعن آكله ومؤكله وكاتبه وشاهديه وجاء فيه من الوعيد ما  لم يجي في غيره إلى أن يستحل بأدنى شأن من غير كلفة أصلا إلا بصور عقد هي عبث ولعب وقد ذكر شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله هذه المسألة أيضا في الفتاوي جمع بن قاسم في الصفحة الحادية والأربعين بعد الأربعمائة في المجلد التاسع والعشرين وقال هي من الربا الذي لا ريب فيه مع أنه ذكر في مسألة التورق قولين لأهل العلم هل تجوز أم لا تجوز وإن كثيرا من الناس اليوم في هذا العصر يظنون أن مثل هذه الصورة من مسائل التورق ولكنها عند التأمل والتحقبق ليست من مسألة التورق بل هي بعيدة عنها فليتأمل المؤمن بالله الخائف من عقابه الراضي لثوابه ، أيها الأخوة المسلمين إن هذه الحيلة من الربوية التي شاعت بين الناس تتضمن محاذير عديدة الأول أنها خداع ومكر وتحيل على محارم الله والحيلة لا تحلل الحرام ولا تسقط الواجب ولقد قال بعض السلف إن أهل الحيّل يخادعون الله كما يخادعون الصبيان لو أتوا الأمر على وجهه لكان أهون ، المحظور الثاني أنها توجب التمادي في الباطل فإن هذا المتحيل يرى أن عمله صحيح ولذلك يعبرون بقولهم إذهب ليصحح فهم يرون أن أعمالهم صحيحة فيتمادى الإنسان فيه أما من أتى الأمر الصريح فإنه يشعر أنه وقع في هلكة فيخجل ويستحي من ربه ويحاول أن يرجع من ذنبه ويتوب إلى ربه ، المحظور الثالث أن هذه السلعة تباع في محلها بدون قبض ولا نقل وهذا معصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع يعني في المكان الذي أشتريت فيه حتى يحوزها التجار إلى رحابهم رواه أبو داؤود والدار قطني ويشهد له حديث بن عمر رضي الله عنهما قال كان الناس يتبايعون الطعام جزافاً بأعلى السوق فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيعوه حتى ينقلوه رواه البخاري وقد يتعلل بعض الناس فيقول أن عد هذه الأكياس قبض لها فنقول له إذا قدرنا أنه قبض فهل هو نقل وحياذة والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع السلع حتى تحاذ إلى الرحاب ثم هل جاء في السنة أن مجرد العد قبض إن القبض هو أن يكون الشيء في قبضتك وذلك بحياذته إلى محله بالإضافة إلى عده أو كيله أو وزنه إن كان يحتاج لذلك ، فيا عباد الله إتقوا الله تعالى وأحظورا التحيل على محارمه وأعدلوا عن المعاملات الحرام إلى المعاملات الحلال إما بطريق الإحسان إلى المحتاجين بإقراضهم وما أعظم فضل القرض أي بتسليفهم فإن السلف فيه أجر عظيم لو لم يكن فيه إلا أنه من الإحسان والله يحب المحسنين ، وإما بالسلم  الذي تسمونه .. تعطون دراهم بسلعة في ذمته يسلمها لكم وقت حلولها فتقولوا مثلا هذه مائة ألف هذه مائة ألف بعشرة سيارات نوعها كذا و كذا تعطينا إياها بعد سنة فهذا لا بأس به وقد كان الصحابة يتعاملون به في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وإن في بيع السلعة التي يحتاجها بعينها إذا كان يحتاج لسلعة معينة كفلاح يحتاج لمكينة وهي عندك فتيبيعها عليه بثمن مؤجل أكثر من ثمنها حاضرا وكشخص محتاج لسيارة للأجرة أو غيرها فهي عندك فتبيعها عليه بثمن مؤجل أكثر من ثمنها حاضرا وهذا ما يعرف الآن ببيع التقسيط وهو حلال جائز فإذا كان عندك سيارة وجاء رجل وقلت له خذ هذه بعشرة آلاف نقدا أو إثني عشرة ألفا إلى سنة فإن هذا لا بأس به لكن بشرط أن لا ينصرف وإلا قد تقرر العقد بأنه حال أو مؤجل حتى لا يحصل إختلاف بعد ذلك ولا فرق بين أن تبيعها عليه بثمن مؤجل لا تقبض منه شيئا إلا عند حلول الأجل أو بثمن مؤجل تأخذ منه كل شهر قسطا فإن هذا جائز لأن هذا الرجل إنما يريد السلعة بعينها وهي عندك حاضرة ومثل هذا أي بيع الشيء بثمن مؤجل أكثر منه بثمن حاضر هذا أمر لا خلاف في جوازه والمعاملات البديلة عن تلك المعاملات المحرمة التي أشرنا إليها سابقا المعاملات البديلة عنها كثيرة ولله الحمد ومن أراد إستيضاحها فليسأل عنها أهل العلم حتى يكون على بصيرة من أمره ، اللهم إني أسالك في مقامي هذا أن توفقني والحاضرين للهدى والتقى والعفاف والغني اللهم أحمنا مما يغضبك علينا ووفقنا لما يرضيك عنا اللهم ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك إنت الوهاب اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ..

الحمد لله حمدا كثيرا كما أمر وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر وأشهد أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له الولي المقتدر وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل من بشر وأنذر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين له بإحسان إلى يوم المحشر وسلم تسليما...

أما بعد

أيها الناس فإني إني سائلكم سؤالا قد أكون أعرف جوابه إني سائلكم هل خلد أحد للمال أو خلّد المال له؟ إن الجواب واضح بيّن لكل إنسان إنه لم يخلّد أحد للمال ولم يخلد المال لأحد )كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ) (الرحمن:26)( وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ) (الرحمن:27) ) كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)(القصص: من الآية88) نحن جميعا نؤمن بذلك نحن جميعا نؤمن بأن لله وحده الحكم نحن جميعا نؤمن بأنه إليه وحده الرجوع نحن نؤمن جميعا بأنه الذى يتولى حساب خلقه )فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (النحل:82) )إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ) (الغاشية:25) )ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ) (الغاشية:26) إذا كنا مقرين بهذه الحقائق فلماذا كنا نسمع الذكر ونسمع المواعظ ونسمع ما حرم الله ورسوله بل ما حذر الله منه ورسوله بل ما رتب الله عليه العقوبة في الدنيا و الآخرة ثم نتمادى في تلك المعاصي أليس والله هذا من السفه العظيم )إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (النور:51) )وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) (النور:52) أتريدون أن يفوتكم الفلاح والفوز بمعاصيكم يا عباد الله ؟ إنه لا يريد ذلك إلا من سفه نفسه فيا أيها المؤمن بالله ورسوله أتق ربك لا تتعامل لأخوانك ولا تتعامل إلا بما يحبه الله ويرضاه وبما أذن لك من المعاملات فإنك مسؤول عن ذلك وأسال المرابين الذين يكسدون وراءهم الأموال الطائلة هل تنفعهم إذا دفنوا في قبورهم؟ لا والله لا تنفعهم إنما يستحقون بها لعنة إنما يقومون بها من قبورهم يوم القيامة يوم يقوم الأشهاد يوم يشهد الجن والإنس والملائكة يوم ينزل الرب للقضاء بين عباده يقومون كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس بل كالمصروعين بين العامة والعياذ بالله إتقوا الله في نفسك يا أخي وتب إلى ربك فإن من تاب إلى الله توبة نصحوا تقبل الله توبته ) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)(البقرة: من الآية222) واعلم يا أخي إعلم يا أخي أن من ثمرات أكل الحرام أن الرجل يبعد أن يستجيب الله دعوته ولو فعل ما فعل من أسباب الإجابة لقد قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى )يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحا)(المؤمنون: من الآية51) وقال تعالى )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (البقرة:172) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب وملبسه حرام ومطعمه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك ، هذه أربعة أسباب كلها من أسباب إجابة الدعاء ومع ذلك إستبعد النبي صلى الله عليه وسلم أن يستجاب لهذا الداعي لأن مطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك والمرابي الذي لا يتخذ إلا الربا مطعمه حرام وملبسه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام ومسكنه الذي بناه من هذ المكسب حرام فأنى يستجاب له ، يا عباد الله إنني لا أريد أن تستمعوا إلى هذه الموعظة وأنها خطبة رنانة أو مفيدة فقط ولكنني أريد منكم أن تستفيدوا أريد منكم أن تتعظوا أريد منكم أن تكونوا كما قال الله تعالى عن المؤمنين )ِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)(البقرة: من الآية285) وأسأل الله تعالى ..