خطبة الحث على تلاوة القران وقيام الليل بعد رمضان وصيام ست من شوال الشيخ علي بن يحيى الحدادي

الحث على تلاوة القران وقيام الليل بعد رمضان وصيام ست من شوال
الجمعة 12 أفريل 2024    الموافق لـ : 03 شوال 1445

تفريغ الخطبة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

أما بعد:

فاتقوا الله تعالى حق التقوى واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى. وداوموا على العملِ الصالح الذي كنتم عليهِ في رمضان، فاحرصوا على صيام النافلةِ الذي ندبَ إليه النبي ﷺ أُمّتَه، ومنه صيامُ ستةِ أيامٍ من هذا الشهرِ شهرِ شوال، لقولهِ ﷺ “من صام رمضان وأبتعه ستاً من شوال كان كصيامِ الدهر” رواه مسلم،

واستكثِروا عبادَ الله مِن تلاوةِ القرآنِ الكريم، وليجعلْ أحدُكم لنفسهِ وِرْدَاً يومياً من القرآن، يواظبُ عليه ولا يتركهُ من غيرِ عُذر، فإنّه إن جعل له ورِداً ختمه، وإلا مرّتِ الشهورُ والسنونَ وهو في غفلةٍ عنه لم يختمه، وقد قال ﷺ “اقرأ القرآن في كل شهر” أي اختمهُ مَرّةً في الشهر.

فقراءةُ القرآن ليستْ حَصْراً على رمضان، بل هي مشروعةٌ في الأيامِ والليالي كلِّها، لكنْ في رمضان تشرعُ مضاعفةُ الاجتهادِ في تلاوتهِ وختمِه.

إنّ تلاوةَ القرآنِ يا عبادَ اللهِ عملٌ صالح، وأجرٌ كثير، وخيرٌ وبركة، ونورٌ وهدى، وعافيةٌ وشفاء، وكيفَ يَزْهَدُ المسلمُ في المداومةِ على تلاوةِ القرآنِ واللهُ عزَّ وجلَّ يذكّرُ عبادَه بفضل ِكتابهِ، وعَظيمِ شأنه، ويأمرُ بتلاوته وتدبره، في آياتٍ بَعْدَ آيات، وعِظَاتٍ إِثْرَ عظات،  كما قال تعالى: ” قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ” وقال تعالى “يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا” وقال تعالى: ” “يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ” جعلني الله وإياكم من أَهلِ القرآن الذين هم أهلُ اللهِ وخاصّتُه.

أقولُ هذا القولَ وأستغفرُ اللهَ لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، وداوموا على العمل الصالح الذي كنتم عليه في رمضان، ومن ذلك قيامُ ما تيسّرَ من الليل، فقيامُ الليلِ مشروعٌ في العام ِكلِّه، ولو بمقدارٍ يسيرٍ يمكنُ للعبدِ أن يُداومَ عليه، قال تعالى مرغِّباً في قيامِ الليلِ، مُثْنِياً على أهله: “إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15) تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ” وقال تعالى عن صفة المتقين : ” “كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ” وقال تعالى في صفة عباد الرحمن ” وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا” فَليحرصْ كلُّ مسلمٍ ومسلمةٍ أن يكونَ له نصيبٌ من قيامِ الليل في كُلِّ ليلةٍ ولو بركعاتٍ معدودة، حتى يدخلَ في المتقين أهلِ قيامِ الليل. وقد بلغَ النبيَّ ﷺ أنّ بعضَ الناسِ كان يقومُ الليلَ فتركَ قيامه فقال لعبد الله بن عمرو  «يَا عَبْدَ اللَّهِ، لاَ تَكُنْ مِثْلَ فُلاَنٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ، فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ» متفقٌ عليه، لأنّ تركَ العملِ الصالحِ من غيرِ عذر يؤدّي إلى قَطْعِ ثوابِ ذلك العملِ عن العبد.  رزقني اللهُ وإياكم الثباتَ على فعلِ الطاعات، واجتنابِ المعاصي، والاستكثارِ مِن عمَلِ الخير، والمداومةِ على الخيرِ إلى يومِ نلقاه، إنه سميع الدعاء.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلّ الشركَ والمشركين، اللهم وفق إمامنا خادمَ الحرمين الشريفين، ووليَّ عهدِه الأمين، وارزقهم البطانَةَ الصالحةَ الناصحةَ يا ربَّ العالمين. اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.