خطبة الحج والتذكير بلزوم الجماعة الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر

الحج والتذكير بلزوم الجماعة
الجمعة 24 ذي الحجة 1425 هـ   الموافق لـ : 4 فيفري 2005 م
تحميل الخطبة

تفريغ الخطبة

الحج والتذكير بلزوم الجماعة

خطبة جمعة بتاريخ / 24-12-1425 هـ

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيّه وخليله وأمينه على وحيه ومبلغ الناس شرعه صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد :

معاشر المؤمنين عباد الله : أوصيكم ونفسي بتقوى الله فإن من اتقى الله وقاه وأرشده إلى خير أمور دينه ودنياه .

معاشر المؤمنين : لقد ودَّع المؤمنون في الأيام القريبة الماضية موسماً فاضلاً كريما ووقتاً مباركاً عظيما ؛ ألا وهو موسم حج بيت الله الحرام ، ذلكم الموسم العظيم الذي يتوافد فيه المؤمنون - عباد الله - من أنحاء الأرض وأرجاء المعمورة ميمِّمين بيت الله العتيق يرجون رحمته ويخافون عذابه ويلبُّون نداءه مرددين : " لبيك اللهم لبيك " .

عباد الله : إن موسم الحج موسمٌ فاضل كريم يتربى فيه المؤمنون على كل فضيلة وخير ويتزودوا فيه المؤمنون بخير زاد والله جل وعلا قد قال لعباده في أثناء آيات الحج : ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [البقرة:١٩٧]  ، ولهذا - عباد الله - كان متأكّداً على كل مؤمن أن يحرص على الاستفادة من مشاعر الحجّ وأعماله سواء حج أو لم يحج ؛ لأن الحجّ مدرسة إيمانية يتربى فيها المؤمنون على الأخلاق الفاضلة والعبادات الكاملة وحسن التقرب إلى الله جل وعلا والبعد عن مساخطه ومناهيه . فالواجب - عبادَ الله - أن يتربى المؤمنون في هذه المدرسة على كل فضيلة وخير ، ولهذا أيضا كان متأكداً على الدعاة إلى الله ومن يُعنَون بالنصيحة لعباد الله أن ينتهزوا هذه الفرصة المباركة الثمينة لغرس الفضائل ونشر الآداب ودعوة النّاس إلى الكمال بالإخلاص للمعبود والمتابعة لرسول صلوات الله وسلامه عليه .

عباد الله : وقد حجّ رسولنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم الحجة المشهورة بحجة الوداع ؛ تلك الحجة العظيمة التي علَّم النبي صلى الله عليه وسلم الأمّة أعمال الحج ومناسكه ، وفي الوقت نفسه قرّر فيها قواعد الدين العظيمة وأصوله الكاملة وآدابه الكريمة ، وحذّر فيها من المحرمات والآثام ، ودعا فيها إلى لزوم تقوى الله جل وعلا ، ولهذا - عباد الله - جاء في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم عرفة ، وخطب الناس يوم النحر ، وخطب الناس في أوسط أيام التشريق ، وفي خطبه تلك كان يؤكّد عليه الصلاة والسلام على لزوم الدّين والتمسك به والتحلّي بآدابه الفاضلة وأخلاقه الكريمة وآدابه العظيمة والتّمسك بعقائده وشرائعه ، وقد جاء في هذا الباب أحاديث عظيمة عن النبي صلى الله عليه وسلم .

عباد الله ؛ وكان من أعظم ما قرر النبي صلى الله عليه وسلم في خطبه في حجة الوداع : الحذر من التعرض لدماء المسلمين أو أموالهم أو أعراضهم ، وقد أكّد على ذلك صلوات الله وسلامه عليه غير مرة وبغير أسلوب ، ومن ذلك أنه جاء في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عندما ذكر سياق حجّة النبي عليه الصلاة والسلام قال: (( حَتَّى إِذَا زَاغَتْ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ وَقَالَ إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا )) رواه مسلم ، وفي اليوم الذي يلي يوم عرفة وهو يوم النحر خطب صلوات الله وسلامه عليه الناس خطبة عظيمة وقد جاء ذكر هذه الخطبة في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما من كتب السنة من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وغيره من أصحاب النبي عليه الصّلاة والسلام وقال في خطبته يوم النحر: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا ؟ قَالُوا يَوْمٌ حَرَامٌ ، قَالَ فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا ؟ قَالُوا بَلَدٌ حَرَامٌ ، قَالَ فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا ؟ قَالُوا شَهْرٌ حَرَامٌ ، قَالَ فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فَأَعَادَهَا مِرَارًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ - أي إلى السماء - فَقَالَ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ ؟ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ ؟ )) . فانظر أيها المؤمن هذا التأكيد العظيم بهذا الأمر العظيم في يوم عرفة وفي يوم النحر (( إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا )) .

وجاء في الصحيح من حديث جرير بن عبد الله البجلي قال: (( قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: اسْتَنْصِتْ النَّاسَ )) ؛ أي اطلب منهم أن ينصتوا وأن يصغوا ، ثم قال عليه الصلاة والسلام : (( لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ )) ؛ أكد على هذه المسألة العظيمة وهي الحذر من دماء المسلمين والتعرّض لرقابهم والاعتداء عليهم ((لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا )) وسمّى صلوات الله وسلامه عليه هذا العمل كفراً  كما في قوله في الحديث الآخر ((سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ )) ؛ وهو ليس بالكفر الناقل من الملة إلا أنه عمل ليس من خصال الإيمان وليس من خلال أهل هذا الدين العظيم وإنما هو من خصال الكفر وأعمال الكافرين ، ولهذا سماه صلوات الله وسلامه عليه كفراً فقال : (( لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ )) .

وأكّد على هذه القضية مرات وكرات ومن تأكيده عليها ما جاء عنه في حجّة الوداع من حديث فضالة ابن عبيد في مسند الإمام أحمد وغيره قال: ((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالْمُؤْمِنِ ؟ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ، وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ، وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذَّنُوبَ )) ، وتأمّل تحقيق الإيمان وتكميل الإسلام بأي شيء يكون ، وتأمل أيضاً في الوقت نفسه في حال من بسط يده في دماء المسلمين  قتلاً وعدوانا وبغياً وبهتانا أين هو من تحقيق الإيمان؟ وأين هو من تحقيق الإسلام الذي دعا إليه النبي الكريم عليه الصلاة والسلام .

ومن تأكيده على هذه القضية في الحج ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أحد أصحابه وهو سلمة بن قيس الأشجعيّ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ : (( إِنَّمَا هُنَّ أَرْبَعٌ - أي خلال عظيمة وخصال كبيرة يجب على أمة الإسلام أن يحذروا منها ، وبدأ بهذا الأسلوب تنبيهاً للأمة وتأكيداً على خطر الأمر وعظم خطره ، ألا إنهن أربع أي فاحذروها يا أمة الإسلام - لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا ، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ، وَلَا تَسْرِقُوا ، وَلَا تَزْنُوا )) ؛ نصح أمته صلوات الله وسلامه عليه وبيّن في هذا الحديث العظيم هذه الكبائر العظام والآثام الجسيمة وهي أخطر ما يكون ؛ الشرك بالله ، وقتل الأنفس المعصومة ، والاعتداء على الأعراض المحترمة ، والاعتداء على الأموال المحترمة، وحذر من ذلك صلوات الله وسلامه عليه أشد التحذير ، وقد جاء عنه عليه الصلاة والسلام في هذا الباب في حجة الوداع وصايا عظيمة في التأكيد على هذا الأمر وبيان أهميته ولزوم مراعاته .

ثم معاشر المؤمنين : إن هذا الأمر العظيم والعناية به لا بد فيه أولاً من صلاح القلب ؛ بأن يكون القلب يبتغي وجه الله وفي الوقت نفسه ناصحاً لولاة أمر المسلمين وعامتهم ، وفي الوقت نفسه كذلك لازماً لجماعتهم ، فإذا كان المرء بهذه الصفة تحققت فيه الخصال الكريمة والخلال العظيمة والآداب القويمة وكان بعيداً كل البعد عن الاعتداء ؛ لا على الأموال ولا على الأنفس ولا على الأعراض . ولِعظم هذا المقام فقد أكّد عليه الصلاة في حجة الوداع ، فقد ثبت في الحديث عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: ((قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  بِالْخَيْفِ مِنْ مِنًى فَقَالَ نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَبَلَّغَهَا فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرُ فَقِيهٍ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ ، ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُؤْمِنٍ : إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ ، وَالنَّصِيحَةُ لِوُلَاةِ الْمُسْلِمِينَ ، وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ ؛ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ )) ؛ وتأمل رعاك الله هذه الخصال الثلاثة العظيمة : الإخلاص لله ، والنصيحة لولاة الأمر ، ولزوم الجماعة ، وقد أخبر صلوات الله وسلامه عليه أن قلب المسلم لا يغِل على هذه الخصال ؛ أي لا يحمل غِلا وإنما يحمل صفاءً ونقاء ، فهو في أعماله كلِّها يبتغي وجه الله سبحانه وتعالى ، يريد بأعماله وجه الله لا يريد رياء ولا سمعة ولا يريد بأعماله حطام الدنيا ، ثم هو ناصح لولاة أمر المسلمين ولازم لجماعتهم وحريص كلَّ الحرص على ذلك بقلبٍ طيب ونفسٍ مؤمنة ورجاء لعظيم موعود الله تبارك وتعالى.

ولما كان عباد الله هذا المقام لا يتحقق - أعني استتباب الأمن وبقاء الدماء والأموال بدون أن تنتهك وتنال بأذى- يتطلب جماعة ويتطلب وحدةً وصفاءً بين أمة الإسلام ، لما كان الأمر يتطلب ذلك ولا جماعة للمسلمين إلا بإمام نبَّـه النبي عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع على أهمية السمع والطاعة لولاة الأمر وأخبر صلوات الله وسلامه عليه أن ذلك من موجبات دخول الجنة ، فعن أبي إمامة الباهلي رضي الله عنه قال: ((سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  يَخْطُبُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ : اتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ، وَصَلُّوا خَمْسَكُمْ ، وَصُومُوا شَهْرَكُمْ ، وَأَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ ، وَأَطِيعُوا ذَا أَمْرِكُمْ تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُمْ )) ؛ فذكر عليه الصلاة والسلام موجبات دخول الجنة وذكر منها السمع والطاعة لولاة أمر المسلمين ، وذلك - عباد الله - أن أمر المسلمين ومصالحهم لا يمكن أن تنتظم إلا بجماعة ، ولا جماعة إلا بإمام ، ولا إمام إلا بسمعٍ وطاعة ، ولهذا أكّد النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك فقال: ((وَأَطِيعُوا ذَا أَمْرِكُمْ )) ؛ لأن في ذلك مصلحةَ الأمة وتمامَ خيرها وحصول رفعتها وبقاءَ هيبتها وتحققَ مصالحها ، أما إذا تفرّق الناس شذر مذر وافتاتوا على ولاة أمرهم وخرجوا عن جماعة المسلمين تمزق صفهم وتخلخلت وحدتهم وحلَّ فيهم الضّعف والوهَن .

ونسأل الله الكريم أن يوفقنا معاشر أمة محمد صلى الله عليه وسلم لاتباعه ولزوم نهجه والعمل بوصاياه الكريمة ونصائحه القويمة وإرشاداته السديدة فهو القدوة والأسوة صلوات الله وسلامه عليه . اللهم وفقنا لاتباع نبيك عليه الصلاة والسلام ولزوم نهجه القويم وصراطه المستقيم إنك سميع الدعاء وأنت أهل الرجاء وأنت حسبنا ونعم الوكيل.

 

الخطبة الثانية :

الحمد لله عظيم الإحسان الفضل والجود والامتنان ، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ؛ صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد عباد الله : فاتقوا الله تعالى ، واعلموا - رعاكم الله - أن تقوى الله جل وعلا وصية عظيمة بل هي خير الوصايا وأعظمها ، وقد تكرّرت الوصية بها في آيات الحج ؛ فقد قال الله عز وجل في أول آية من آيات الحج في سورة البقرة قال في تمامها : ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [البقرة:١٩٦] ، وفي الآية الأخيرة من آيات الحج قال الله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [البقرة:٢٠٣] وفي أثناء تلك الآيات قال تبارك وتعالى: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [البقرة:١٩٧] وقال عقِب ذلك: ﴿ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى ﴾ [البقرة:٢٠٣] ؛ فتقوى الله جل وعلا هي خير وصية وهي خير زاد يبلِّغ إلى رضوان الله ، وهي العمل بطاعة الله على نور من الله رجاءُ ثواب الله ، وترك معصية الله على نور من الله خيفةُ عقاب الله . فاتقوا الله - عباد الله - ولازموا تقواه في الغيب والشهادة والسر والعلانية واعلموا أن العاقبة للمتقين.

واعلموا - رعاكم الله - أن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلاله ، وكل ضلالة في النار ، وعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار . وصلوا وسلموا - رعاكم الله - على محمد بن عبد الله كما أمركم الله بذلك في كتابه فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾ [الأحزاب:٥٦] ، وقال صلى الله عليه وسلم : (( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا)). وجاء عنه عليه الصلاة والسلام الحث من الإكثار من الصلاة والسلام عليه في ليلة الجمعة ويومها ولهذا يقول الإمام الشافعي رحمه الله: " أحب كثره الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل حال وأنا في يوم الجمعة وليلتها اشد استحبابا " ، فصلوا وسلموا رعاكم الله على محمد بن عبد الله .

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وارْضَ اللهمّ عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بمنك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين .

اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واحم حوزة الدين يا رب العالمين . اللهم انصر من نصر الدين ، اللهم انصر من نصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ، اللهم وفق إخواننا المجاهدين في سبيلك في كل مكان ، اللهم كن لهم حافظاً ومعِينا ومؤيداً ونصيرا، اللهم عليك بأعداء الدين فإنهم لا يعجزونك ، اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك اللهم من شرورهم ، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين ، اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبُّ وترضى وأعنه على البر والتقوى وسدده في أقواله وأعماله وألبسه ثوب الصحة والعافية وارزقه البطانة الصالحة الناصحة ، اللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين للعمل بكتابك واتباع سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم واجعلهم رأفة ورحمة على عبادك المؤمنين .

اللهم آت نفوسنا تقواها زكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها ، اللهم أصلح ذات بيننا وألف بين قلوبنا وأهدنا سبل السلام وأخرجنا من الظلمات إلى النور ، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وأزواجنا وذرياتنا وأموالنا واجعلنا مباركين أينما كنا ، اللهم وفقنا لما تحب وترضى وأعنا على البر والتقوى ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ، اللهم اغفر لنا ذنبنا كله دقه وجله أوله وآخره سرّه وعلنه ، اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات .

وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم وبارك وأنعم على عبده ورسوله الأمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .