خطبة وجوب صلاة الجماعة الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر

وجوب صلاة الجماعة
الجمعة 07 جمادة الثانية 1431 هـ   الموافق لـ : 21 ماي 2010 م
تحميل الخطبة

تفريغ الخطبة

وجوب صلاة الجماعة

خطبة جمعة بتاريخ / 7-6-1431 هـ

 

إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضلَّ له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إلـٰه إلَّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله؛ صلَّى الله وسلَّم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .

أمَّا بعدُ أيُّها المؤمنون عباد الله : اتقوا الله تعالى ؛ فإنَّ تقوى الله جل وعلا وصيَّة الله للأولين والآخرين كما قال الله جل وعلا : ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ﴾ [النساء:131] ، وتقوى الله عزَّ وجلَّ هي خير زادٍ يبلِّغ إلى رضوان الله ، قال الله تعالى: ﴿وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ ﴾ [البقرة:197] .

أيُّها المؤمنون عباد الله : إنَّ شهود الصَّلاة مع الجماعة في بيوت الله ومساجد المسلمين كما أمر بذلك ربُّ العالمين وكما أمر بذلك رسوله الكَريم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شعيرةٌ عظيمَةٌ من شعائر الإسلام ومَعلَمٌ عظيمٌ من معالم الرُّجولة عباد الله ، نعم !! معلَمٌ عظيم من معالم الرُّجولة عباد الله بشهادة ربِّ العالمين ؛ قال الله تعالى: ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (36) رِجَالٌ ﴾ هكذا قال رب العالمين ﴿ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (36) رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ﴾ [النُّور:36-37] ، فأين معاني الرُّجولة ممَّن يتخلَّف عن الصَّلاة مع الجماعة ويستهين بها ويقلِّل من شأنها ومكانتها ؟!

أيُّها المؤمنون عباد الله : ولقد تكاثرت الدَّلائل في كتاب الله جلَّ وعلا وسنة نبيِّه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ على وجوب أداء الصَّلاة على الرِّجال في جماعة المسلمين في الحلِّ والتَّرحال وفي الأمن والخوف ، وإذا كان الله عز وجل لم يرخِّص لعباده المؤمنين في حال الحرب والشِّدَّة بترك الصَّلاة جماعةً فكيف بحال الأمن والرَّخاء والصِّحة والعافية والاطمئنان !! يقول الله تعالى لنبيِّه المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ﴿وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ﴾ [النساء:102] ، هـٰذا - عباد الله - أداءٌ للصَّلاة جماعةً في حال الحرب والشِّدَّة فكيف في حال الرَّخاء والأمن  .

وجاء في الصَّحيحين من حديث أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (( إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا)) وقوله: ((وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا)) أي ما في أدائهما جماعة في بيوت الله (( لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا )) أي: حبوا على الرُّكَب . ثم قال عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : (( وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ )) .

وجاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال :(( أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ أَعْمَى فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ ، فَرَخَّصَ لَهُ ، فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ : هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ ؟ قَالَ نَعَمْ . قَالَ فَأَجِبْ )) ، وجاء في سنن أبي داوود بإسناد صحيح ثابت أنَّ ابن أمِّ مكتوم رَضِيَ اللهُ عَنْهُ جاء إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ ، شَاسِعُ الدَّارِ - أي داري بعيدة عن المسجد- ، وَلِي قَائِدٌ لَا يُلَائِمُنِي فَهَلْ لِي رُخْصَةٌ أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِي ؟ قَالَ النَّبيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : (( هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ ؟ )) قَالَ نَعَمْ ، قَالَ (( لَا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً )) ؛ فهـٰذا - عباد الله - رجل ضرير أعمى ، وبيته بعيدٌ عن المسجد ، وليس معه من يلائمه ويقوده إلى المسجد ويقول له النبي المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( لَا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً )) ؛ فكيف - عباد الله - بمن بيته ملاصق للمسجد أو قريبٌ منه والآذان يخترق بيته ويسمع "حي على الصلاة ، حي على الفلاح " فلا يستجيب للنِّداء ولا يمتثل للأمر وهو صحيح معافى!! .

وجاء - عباد الله - في مسند الإمام أحمد بإسنادٍ ثابت عن أبيّ بن كعب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال  : صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ فَقَالَ شَاهِدٌ فُلَانٌ ؟ فَقَالُوا لَا ، فَقَالَ شَاهِدٌ فُلَانٌ ؟ فَقَالُوا لَا ، فَقَالَ شَاهِدٌ فُلَانٌ ؟ فَقَالُوا لَا - يتفقد رجالاً هل حضروا إلى الصلاة ؟ -  فَقَالَ : إِنَّ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ مِنْ أَثْقَلِ الصَّلَوَاتِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا .

عبَاد الله : وثبت في صحيح ابن حبان وغيره عن النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال: ((مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يُجِبْ فَلَا صَلَاةَ لَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ )) أي إلَّا من عُذرٍ يمنعه من ذلك كمرض شَديد أو نحوه .

عبَادَ الله : والأدلَّة على وجوب أداء هـٰذه الصَّلاة جماعةً في بيوت الله كثيرةٌ في كتاب الله عزَّ وجلَّ وسنَّة نبيِّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وفي القرآن الكريم لما أمر الله جلَّ وعلا المؤمنين بإقام الصلاة أمرهم في السِّياق نفسه بأن يؤدوها في جماعة المسلمين وذلك في قوله : ﴿ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ [البقرة:43] ، قال الحافظ ابن كثير : " استدل بهـٰذه الآية جماعةٌ أو كثير من أهل العلم على وجوب أداء الصَّلاة مع الجماعة " .

أيُّها المؤمنون عباد الله : ألا فلنتق الله عزَّ وجلَّ في هـٰذه الصَّلاة ، ولنعلم علم يقينٍ أنَّ أوَّل ما نُسأل عنه يوم القيامة من أعمالنا هـٰذه الصَّلاة . اللّٰهمَّ إنَّا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا أن تجعلنا أجمعين من المُقيمين الصَّلاة في المساجد كما أمرتنا يا ذا الجلال والإكرام ومن ذرِّياتنا . أقول هـٰذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المُسلمين من كلِّ ذنب فاستغفروه يغفر لكم إنَّه هو الغفور الرَّحيم.

 

الخطبة الثانية :

الحمد لله عظيم الإحسان واسع الفضل والجود والامتنان . وأشهد أن لا إلـٰه إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله ؛ صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين . أمَّا بعد عباد الله : اتَّقوا الله تعالى .

عباد الله : في قول نبيِّنا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : (( وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا )) تنبيهٌ عظيم إلى أنَّ شهود الصَّلاة في المسجد والمحافظة عليها والعناية بها فرْعٌ عن اهتمام القلب بذلك ومعرفته بمكانة أداء الصَّلاة في الجماعة , وأما القلب الغافل وأما القلب اللاهي الذي لم يعرف قيمة الصلاة ولا مكانتها في المساجد فإن صاحبه سيتخلفُ ويتخلف ، ولهـٰذا قال: (( وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا )) ، فإذا كان الإنسان لا يعلم قيمة الصَّلاة في المساجد ومكانتها ومنزلتها العليَّة في الإسلام فإنه سيتخلَّف ويتخلف وسيكثر تخلُّفه عن هـٰذه الصَّلاة .

ولقد أعجبني رجل من عوام المسلمين كان يشتكي من تخلِّف أبنائه عن الصَّلاة ومحاولته الشديدة معهم لأدائها وفي سياق كلامه قال لي وهو يحرك يده : الأمر راجع إلى القلب - ويشير بيده إلى القلب – يقول : لو عرف هـٰؤلاء قيمة الصَّلاة ومكانتها وعرفَت قلوبهم ذلك لم يتخلَّفوا عنها ؛ ولـٰكن هـٰذا الوهاء والفتور والتواني والتراخي والكسل راجع إلى ضَعف القلوب ووهنها وعدم معرفتها بقيمة الصَّلاة ومكانتها .

جاء في صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: (( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلاَءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ ، فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم سُنَنَ الْهُدَى وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى ، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِى بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّى هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِى بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلاَّ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً )) . ثم يقول رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : (( وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا - يعني أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلاَّ مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِى الصَّفِّ )) ؛  كلُّ ذلكم - عباد الله - لأن  قلوبهم مدركةٌ تمام الإدراك مكانة الصَّلاة وقيمتها ؛ فلمَّا عظُمَت مكانة الصلاة في القلوب تحركت تلك الأبدان الضعيفة إلى المساجد مع ضعفها الشديد .  

ولقد رأينا ذلك - عباد الله- في الصَّالحين من عباد الله جلَّ وعلا من كبار السِّنِّ ؛ يأتي ببِنْية ضعيفة وجسمٍ ضعيف وقُوًى ضعيفة يتحامل بشدّةٍ ليحافظ على الصلاة في بيوت الله كما أمره الله ، وهـٰذه المحافظة راجعةٌ إلى كبَر القُلوب وعِظَم ما قام في قلوبهم من مكانةٍ للصَّلاة وقيمةٍ لها، أمَّا أولئك أصحاب الأبدان الصَّحيحة والقوى الطَّيبة الحسنة المتخلفين عن الصَّلاة فهـٰؤلاء - عباد الله - قلوبهم ضعُف إيمانها بقيمة الصلاة ومكانتها ، فلما ضَعُف هـٰذا الإيمان في القلوب ضعُف العمل تبعًا لذلك .

يقول سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى: " ما فاتتني صلاة الجماعة منذ أربعين سنة " ؛ وليتأمَّل كثير من النَّاس في اليوم الواحد أو الأسبوع الواحد كم تفوته صلاة الجماعة من مرة ؟ فأين الرجولة - عباد الله - على حد قول ربنا جل وعلا: ﴿يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (36) رِجَالٌ ﴾ !! .

عباد الله : وفي زماننا هـٰذا أكرم اللهُ عزَّ وجلَّ كبار السِّن بالعربيات التي يصِرّ بعضهم على أبنائه البررة بأن يدفعوه بهذه العربية إلى المساجد محافظةً منه على الصَّلاة ببنية ضعيفة ؛ يذكِّر بذلك بحال السَّلف الكرام أليس - عباد الله- جديرٌ بالشَّباب أهل الصحة الطيبة والأجسام القوية أن يأخذوا العبرة من هـٰؤلاء الكبار !! فينتهزوها فرصةً عظيمة لاستشعار قيمة الصَّلاة ومكانتها ، لا أن يعيش هـٰؤلاء الشباب معوَّقين عن الخير محرومين من الفضائل والرِّفعة عند الله جلَّ وعلا .

أيُّها المؤمنون عباد الله : الكيس من عباد الله من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني . وصلُّوا وسلِّموا رعاكم الله على محمَّد بن عبد الله كما أمركم الله بذلك في كتابه فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾ [الأحزاب:٥٦] ، وقال صلى الله عليه وسلم : (( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا))  .

اللّٰهمَّ صلِّ على محمَّد وعلى آل محمَّد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميد مجيد ، وبارك على محمَّد وعلى آل محمَّد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميد مجيد . وارض اللّٰهمَّ عن الخُلفاء الرَّاشدين الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ ، وارض اللّٰهمَّ عن الصَّحابة أجمعين وعن التَّابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدِّين ، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين .

اللّٰهمَّ أعزَّ الإسلام والمسلمين ، وأذلَّ الشِّرك والمشركين ، ودمِّر أعداء الدِّين ، اللّٰهم واحم حوزة الدِّين يا ربَّ العالمين . اللّٰهمَّ آمنَّا في أوطاننا وأصلح أئمَّتنا وولاة أمورنا ، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتَّقاك واتَّبع رضاك يا ربَّ العَالمين. اللّٰهم وفِّق وليَّ أمرنا لهُداك واجعل عمله في رضاك ، وأعنه على طاعتك وارزقه البِطانة الصَّالحة النَّاصحة يا ربَّ العالمين .

اللّٰهم آت نفوسنا تقواها زكِّها أنت خير من زكَّاها، أنت وليُّها ومولاها . اللّٰهم إنا نسألك الهدى والتُّقى والعفَّة والغِنى . اللّٰهم إنَّا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننَّ من الخاسرين . ربَّنا آتنا في الدُّنيا  حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النَّار . اللّٰهم اجعلنا من المقيمين الصلاة ومن ذرِّياتنا يا ربَّ العالمين.

عباد الله : اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ، ) وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ( .