مقال على من يجب الصيام؟ الشيخ محمد بن غيث غيث

على من يجب الصيام؟
الأربعاء 12 جويلية 2017    الموافق لـ : 17 شوال 1438

يقول العلماء: الصوم واجب على كل: مسلم، عاقل، بالغ، قادر، مقيم، خال من الموانع.

فهذه ستة شروط:

الأول: مسلم: ويخرج الكافر، ولكن لو أسلم أثناء النهار لا يلزمه إلا إمساك بقية اليوم وإكمال ما بقي من الشهر دون قضاء ما فاته، على الراجح من أقوال العلماء.

الثاني: عاقل: ويخرج المجنون والمعتوه، فهؤلاء لا تكليف عليهم والقلم عنهم مرفوع.

ومثل المجنون: الشيخ الكبير الذي وصل إلى حد الخرف وعدم التمييز، فهذا لا شيء عليه، لا صيام ولا كفارة.

الثالث: بالغ: ويخرج الغير بالغ وهو الصغير، فالصغير لا يجب عليه الصيام، ولكن إذا كان لا يشق عليه أُمر به ليعتاده، فقد كان الصحابة يصوّمون صبيانهم، حتى إن الصبي ليبكي فيعطونه اللعبة يتلهى بها حتى الغروب([1])، أو يكون صومه بقدر استطاعته نصف النهار ونحو ذلك.

الرابع: قادر: أي يستطيع الصوم بلا مشقة، فإن كان عاجزا غير قادر فلا صوم عليه.

وغير القادر على قسمين:

1)  من عجزه دائم مستمر، كالكبير الذي لا يستطيع الصيام، أو المريض مرضا لا يرجى برؤه.

فهذا يطعم عن كل يوم مسكينا بعدد أيام الشهر، قال تعالى { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}[البقرة: 184]

وللإطعام كيفيان:

الأولى: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "من أدركه الكبر فلم يستطع أن يصوم رمضان فعليه لكل يوم مد من قمح"([2]).

الثانية: عن أنس بن مالك رضي الله عنه  «أنه ضعف عن الصوم عاما فصنع جفنة من ثريد ودعا ثلاثين مسكينا فأشبعهم»([3]).

فالأولى طعام نيّ غير مطبوخ، ويستحب العلماء أن يكون معه إدام، والثانية طعام مطبوخ يقدمه للمساكين.

2)  القسم الثاني من عجزه طارئ، كالمريض مرضا يرجى برؤه وزواله، وهذا له صور:

أ‌)        أن يكون الصوم لا يشق عليه ولا يضر المرض.

فهذا يجب عليه الصوم.

ب‌)     أن يشق عليه الصوم ولكن لا يضر المرض.

فهذا يكره له الصوم.

ت‌)     أن يشق عليه الصوم ويضر المرض.

فهذا يحرم عليه الصوم.

فإذا أفطر لهذا العذر قضى إذا شفي من مرضه، قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184].

الخامس: المقيم: ويخرج المسافر، والمسافر هو الذي فارق وطنه، ولا يلزمه الصوم، قال تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185].

والأفضل في حق المسافر فعل الأيسر عليه، فإن كان ليس في الصوم مشقة فالصوم أفضل، لأنه أسرع في إبراء ذمته.

وإن كان في الصوم مشقة كره له الصوم.

وإن زادت المشقة حرم الصوم ووجب الفطر، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «أُولَئِكَ الْعُصَاةُ، أُولَئِكَ الْعُصَاةُ»([4]).

السادس: خاليا من الموانع، وهذا خاص بالنساء، والموانع إما حيض أو نفاس، والحائض والنفساء لا تصوم ولا يجوز لها الصيام، وإنما تقضي ما أفطرت، قال صلى الله عليه وسلم للنساء: «أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ» قلن: بلى([5]).

وعن معاذة، قالت: سألت عائشة فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم، ولا تقضي الصلاة. فقالت: أحرورية أنت؟ قلت: لست بحرورية، ولكني أسأل. قالت: «كان يصيبنا ذلك، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة»([6]).

 


 

 


([1])  انظر صحيح البخاري، كتاب الصيام، باب صوم الصبيان.

([2])  رواه الدارقطني والبيهقي.

([3])  رواه الدارقطنيوأبويعلى.

([4])  رواه مسلم والترمذي.

([5])  رواه البخاري.

([6])  رواه مسلم.