مقال أحكام قيام رمضان الشيخ إبراهيم بن عبد الله المزروعي

أحكام قيام رمضان
الأربعاء 12 جويلية 2017    الموافق لـ : 17 شوال 1438

 إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله  وبعد،،

مقدمــة:

إن قيام الليل من النوافل التي رغب فيها الإسلام ، فقد أثنى الله عز وجل على عباده القائمين بقوله ( كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون ) وقال تعالى ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ) وفتح سبحانه وتعالى باب الاستجابة للدعاء والمغفرة في ثلث الليل الآخر ، فقد روى البخاري في صحيحه وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"" ينزل ربنا تبارك وتعالى في كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له "" وقال صلى الله عليه وسلم :"" أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم ، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل "" رواه مسلم وغيره . وقال أيضاً :"" أيها الناس ، أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصِلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام "" رواه الترمذي وغيره وهو في صحيح الترغيب (616) ، وقال أيضاً :"" عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وقربةً إلى الله تعالى ومنهاة عن الإثم وتكفير للسيئات "" رواه أبو داود والنسائي وهو في صحيح الجامع (5691) وكان صلى الله عليه وسلم لا يدع قيام الليل ، وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعداً ـ صحيح الجامع (4849)

وقيام الليل مشروع في جميع العام ، ويتأكد استحبابه في شهر رمضان المبارك ، ولذلك جاءت نصوص خاصة في الترغيب في قيام رمضان ، وجاءت أحكام خاصة بقيام رمضان .

ورغبة في تنبيه المسلمين إلى السنة في قيام رمضان ، كان هذا الدرس عن قيام رمضان ، فضله وفضل لياليه ، ووقته وكيفياته والقراءة فيه وعدد ركعات القيام ، وما يتعلق بالوتر والقنوت فيه ، وما أحدث الناس فيه ، وغيرها من الأحكام .

1- فضل قيام ليالي رمضان : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قام رمضان إيمانا و احتسابا , غفر له ماتقدم من ذنبه). البخاري 2014 مسلم 760.

2- مشروعية الجماعة في القيام أحياناً من غير تخصيص، واستحباب الجماعة في قيام رمضان : وقد أجمع العلماء على مشروعية الجماعة في قيام رمضان ، هذه الصلاة التي تعرف بصلاة التراويح  وهذه تسمية عند المتأخرين ليس عليها نصٌ ولا قول صحابي ، وسمّاها الناس بصلاة التراويح لما أحدثوه من الاستراحة عقب كل ركعتين أو أربع ركعات ، وجرهم ذلك إلى إحداث أمورٍ أخرى كالدروس والأذكار المنوعة والمواعظ أثناء تلك الاستراحة .

 أما مشروعيتها في الجماعة فقد أقر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك لما ثبت من حديث ثعلبة بن أبي مالك ، قال( خرج رسول الله ذات ليلة في رمضان فرأى ناساً في ناحية المسجد يصلون … وذكر أن معهم أُبياً يصلون بصلاته فقال:قد أحسنوا)رواه البيهقي وله شواهد كما قال الألباني في صلاة التراويح صـ9  وكذلك أقامها صلى الله عليه وسلم جماعة كما في حديث عائشة في الصحيحين ثم تركها مخافة أن تفرض على هذه الأمة  ولا شك أن هذه الخشية قد زالت بوفاته صلى الله عليه وسلم ، وبذلك يزول المعلول وهو ترك الجماعة ، ويعود الحكم السابق وهو مشروعية الجماعة في قيام رمضان .

3- هل الأفضل أن يصلي قيام رمضان في جماعة أو فرادى بعيداً عن الناس ؟ : من العلماء من قال أن الأفضل أن يُصلي قيام رمضان في المسجد مع الجماعة لحديث "" من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة "" صحيح سنن أبي داود (1375) . قال أبو داود في المسائل صـ62 : ( سمعت أحمد قيل له : يعجبك أن يصلي الرجل مع الناس في رمضان أو وحده؟ قال : يصلي مع الناس ، وسمعته يقول أيضاً يعجبني أن يصلي مع الإمام ويوتر معه ) وقال الألباني : وتشرع الجماعة في قيام رمضان ، بل هي أفضل من الإنفراد ، لإقامة النبي صلى الله عليه وسلم لها بنفسه ، وبيانه لفضلها بقوله… وإنما لم يقم بهم بقية الشهر خشية أن تفرض عليهم صلاة الليل في رمضان فيعجزون عنها ) قيام الليل للألباني صـ20 .

 ومن العلماء من قال أن الأفضل أن يصلي القيام فرادى بعيداً عن الناس ، واستدلوا بأحاديث منها : حديث ( أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة ) متفق عليه ، وحديث ( صلاة الرجل تطوعاً حيث لا يراه الناس تعدل صلاته على أعين الناس خمساً وعشرين ) رواه أبو يعلى وهو في صحيح الجامع (3821) وكذلك كان أكثر قيام رسول الله في بيته .

والصحيح الراجح هو القول الأول لإقرار النبي صلى الله عليه وسلم وفعله لها مع الجماعة وترغيبه لها في الجماعة ، وكذلك حديث( صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده خمسة وعشرين جزءاً)  أما أحاديث فضل صلاة المرء في بيته فتحمل على الإنفراد ، ولا زال الناس من عهد عمر بن الخطاب والصحابة إلى يومنا هذا يصلون قيام رمضان في المساجد مع الجماعة .

فائـــدة : ويُشرع للنساء حضورها ، بل يجوز أن يُجعل لهن إمام خاص بهن غير إمام الرجال كما فعل عمر وعلي أيضاً كما روى ذلك البيهقي وعبد الرزاق ، وذكر الأثرين الألباني في صلاة التراويح صـ21 .

4- وقت القيــام : ووقت صلاة الليل من بعد صلاة العشاء إلى الفجر لقوله صلى الله عليه وسلم :"" إنّ الله زادكم صلاة وهي الوتر فصلوها بين صلاة العشاء إلى صلاة الفجر "" رواه أحمد وصححه الألباني في صلاة التراويح صـ26 وفي الصحيحة (108) . والصلاة في آخر الليل أفضل لمن تيسر له ذلك لحديث ( من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله ، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر أخر الليل ، فإن صلاة آخر الليل مشهودة ، وذلك أفضل ) رواه مسلم وغيره وهو في الصحيحة (2610)

5- القراءة في القيام : لم يُحدّ فيها النبي صلى الله عليه وسلم حداً لا يتعداه بزيادة أو نقصان ، بل كانت قراءته فيها تختلف قصراً وطولاً فكان تارة يقرأ قدر عشرين آية وتارة قدر خمسين آية، وكان يقول: "" من صلى في ليلة بمئةِ آية لم يكتب من الغافلين ) وقرأ في ليلةٍ السبع الطوال .. وهكذا .

فعلى من صلى قائماً لنفسه فليطّول ما شاء وكذلك إذا كان معه من يوافقه ، وأما إذا صلى إماماً فعليه أن يطيل بما لا يشق على من وراءه ، لحديث ( إذا قام أحدكم للناس فليخفف الصلاة فإن فيهم الصغير والكبير وفيهم الضعيف والمريض وذا الحاجة ، وإذا قام وحده فليطل صلاته ما شاء ) متفق عليه .

6- مذهب السلف في ركعات التراويح: 

-         ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله- في شرحه لصحيح البخاري تحت حديث(2013) في كتاب صلاة التراويح ، ذكر عن الزعفراني رحمه الله عن الإمام الشافعي رحمه الله قال:
)رأيتُ الناسَ يقومون بالمدينة بتسع وثلاثين ، وبمكة بثلاث وعشرين ، وليس في شيء من ذلك ضيق (هذا الآثر ذكره ابن حجر -رحمه الله ، ورواه البيهقي ايضاً عن الإمام الشافعي -رحمه الله- في كتابه معرفة السنن والآثار في المجلد الثاني.

-          وقال أيضا في كتابه الأم ( 107/1) :( فَأَمَّا  قيام شهر رمضان ، فصلاة المنفرد أحَبُّ إليّ منه ، ورأيتهم بالمدينة يقومون بتسع وثلاثين ، وأَحَبُّ إليَ عشرون (.

-         وعنه أيضاً الإمام الشافعي -رحمه الله- قال ( إن أطالوا القيام وأقلوا السجود فحسن ، وإن أكثروا السجود وأخَفُّوا القراءة فحسن ).

-         فهذه الآثار عن الإمام الشافعي -رحمه الله- يذكر لنا فيها حال السلف ،  حال أهل المدينة ، وأهل مكة في قيامهم لشهر رمضان ، رأى أهل المدينة يقومون بتسع وثلاثين يصلون ستا وثلاثين ، ثم يوترون بثلاث ، قال: وفي مكة رآهم أيضاً يصلون قيام رمضان بثلاث وعشرين يصلون عشرين ويوترون بثلاث ،  قال( وليس في شيء من ضيق )  يعني هذا جائز في الشرع ، وهذا جائز في الشرع ، قال هذا القول -رحمه الله- وهو ينقل لنا ما كان عليه سلفنا الصالح ما كان عليه الصحابة والتابعون بالنسبة لقيام رمضان.

-         يقول عطاء بن أبي رباح رحمه الله  تلميذ ابن عباس رضي الله عنهما ( أدركتهم في رمضان يصلُّون عشرين ركعة وثلاث ركعات الوتر ( رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح. 

-         وأيضاً ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح ما رواه الإمام مالك -رحمه الله- في الموطأ ،  عن السائب بن يزيد أنه صلى عشرين ركعة ، وهذا محمول على غير الوتر..فكلها ثلاث وعشرون ركعة ،وهذا الآثر عن السائب بن يزيد ذكره البيهقي وقال النووي إسناده صحيح .

-         كذلك روى عبدالله بن وهب عن العمري عن نافع قال : "لم أدرك الناس إلا وهم يصلون تسعاً وثلاثين،  يوترون منها بثلاث"المدوّنة الكبرى ( 223/1).

-         وأخرج البيهقي أيضاً في السنن الكبرى في المجلد الثاني عن أبي الخصيب -رحمه الله -قال:  كان يؤمنا سويد بن غفلة في رمضان فيصلي خمس ترويحات عشرين ركعة ) الترويحة أربع ركعات بتسليمتين .

-         كذلك عند ابن أبي شبية في مصنفه في المجلد الثاني 163 عن داود بن قيس قال : "أدركت الناس بالمدينة في زمن عمر بن عبدالعزيز وأبان ابن عثمان يصلون ست وثلاثين ركعة ويوترون بثلاث".

-         كذلك روى الإمام مالك  في الموطأ من رواية السائب بن يزيد -رضي الله عنه- قال: كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في شهر رمضان بعشرين ركعة" ورواه البيهقي أيضاً وقال النووي إسناده صحيح كما في المجموع.

-         قال الحافظ ابن حجر : وروى عبد الرزاق عن محمد بن يوسف فقال : إحدى وعشرين.

-         وعن يزيد بن رومان رحمه الله قال: كان الناس يقومون في زمان عمر بن الخطاب في رمضان ، بثلاث وعشرين ركعة ) رواه مالك في الموطأ،  والبيهقي في السنن الكبرى.

-         وعند ابن أبي شبية في المصنف في المجلد الثاني عن مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أمر رجلاً أن يصلي عشرين ركعة "

-         قال ابن بطال رحمه الله في شرحه لصحيح البخاري في المجلد الرابع :قال الداووديُّ وغيره"وليست الروايات متعارضة لأن عمر رضي الله عنه  جعل الناس يقومون بأول أمره بأحدى عشرة ركعة ، ثم زاد عمر بعد ذلك فجعلها ثلاث وعشرين ركعة ، وبهذا قال الثوري والكوفيون والشافعي وأحمد ، فكان الأمر على ذلك إلى زمن معاوية، فكانوا يصلون تسعا وثلاثين ركعة،  فاستقر الأمر على ذلك وتواطأ عليه الناس ، وبهذا قال مالك رحمه الله ، فليس ما جاء من اختلاف في الأحاديث في قيام رمضان يتناقض ، كذلك قال بهذا الجمع الذي ذكره الداوودي  وابن بطال ، الإمامُ البيهقي في السنن الكبرى ،  والحافظ ابن حجر أيضاً (253/4) ، وابن تيميّة رحمهم الله (112/23) ،

-         قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-"وقد ثبت أن أبيَّ بن كعب كان يقوم بالناس عشرين ركعة في قيام رمضان ويوتر بثلاث ،  فرأى كثيرٌ من العلماء أن ذلك هو السنّةُ ،لأنه أقامه بين المهاجرين والأنصار ، ولم ينكره أحد ،  واستحب آخرون تسعا وثلاثين ركعة، بناء على عمل أهل المدينة القديم ، وقالت طائفة : وقد ثبت في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يزيد في رمضان ولا في غيره على ثلاث عشرة ركعة ) قال "واضطرب قوم في هذا الأصل ( أي اختلفوا في جمع الأحاديث )  لما ظنُّوه من معارضة الحديث الصحيح لما ثبت من سنة الخلفاء الراشدين وعمل المسلمين ، والصواب أن ذلك جميعه حسن ، كما نص على ذلك الإمام أحمد وأنه لا يتوقت في قيام رمضان عدد ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوقت فيها عدداً "

  مجموع فتاوى مجلد ( 112/23)

-         قال أيضاً "من ظن أن قيام رمضان فيه عدد موقت عن النبي لا يزاد فيه ولا ينقص منه فقد أخطأ" كما في فتاوى مجلد (272/22)

-         قال الإمام ابن عبدالبر في التمهيد في المجلد 13/214.."ليس في عدد الركعات من صلاة الليل حدّاً محدودا لا يتعدى عند أهل العلم".

-         وقال الحافظ العراقي في كتابه طرح التثريب 3/43..قال "اتفق العلماء على أنه ليس حد محصور أي قيام الليل".

-         وقال ابن عبدالبر في الاستذكار 5/244.."أجمع العلماء على أنه لا حَدَّ ولا شيء مقدراً في صلاة الليل"

-         واستدل السلف الصالح والأئمة بما رواه الشيخان البخاري ومسلم "عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً قال : يارسول الله كيف صلاة الليل ؟ قال الرسول صلى الله عليه وسلم "مثنى مثنى" فإذا خفت الصبح فوتر بواحدة".  رواه البخاري(1037) ومسلم أيضا.

-         هذا الصحابي سأل الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن عدد ركعات صلاة القيام ، ولم يقل له لا تزد على احدى عشرة ركعة بل أطلق له في العدد ، والمقام مقام تعليم ، فدل على التوسعة في صلاة الليل في رمضان وغيره ، وهذا هو عمل السلف الصالح والعلماء .

-         أشرت إلى هذه المسألة المهمة لأنقل لكم ما كان عليه سلفنا الصالح في هذا الأمر، حتى لا يختلف الناس كثيراً، ويرجعوا إلى سلفهم وإلى فهمهم في هذه المسألة ،  بدأناها بأثر عن الإمام الشافعي -رحمه الله- ثم نقلنا آثارا عن الإمام مالك وعن غيره من أئمة الإسلام، كلها تدل على أن الأمر فيه سعة و لا ينكر على من زاد على إحدى عشرة ركعة في صلاة الليل،  فالدليل معه عن الرسول صلى الله عليه وسلم وكذلك عمل السلف الصالح .

7- الكيفيات التي صلى بها النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الليل والوتر :

قال الشيخ الألباني رحمه الله في كتاب قيام رمضان صـ28 :

الكيفية الأولى : ثلاث عشرة ركعة ، يفتتحها بركعتين خفيفتين وهما على الأرجح سُنةُ العشاء البعدية ، أو ركعتان مخصوصتان يفتتح بهما صلاة الليل، ثم يصلي ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ، ويوتر بركعة ـ رواه مسلم وأبو عوانه .

الكيفية الثانية : يصلي ثلاث عشرة ركعة ، منها ثمانيةٌ يُسلم بين كل ركعتين ثم يوتر بخمس لا يجلس ولا يسلم إلا في الخامسة ـ رواه أحمد ومسلم وأبو داود وغيرهم .

الكيفية الثالثة : إحدى عشرة ركعة يسلم بين كل ركعتين ويوتر بواحدة ـ رواه مسلم وغيره .

الكيفية الرابعة : إحدى عشرة ركعة يصلي منها أربعاً بتسليمة واحدة ثم أربعا كذلك ثم ثلاثاً لا يجلس إلا في الثالثة ـ متفق عليه .

الكيفية الخامسة : إحدى عشرة ركعة ًمنها ثماني ركعات لا يقعد فيها إلا في الثامنة ، يتشهد ثم يقوم ولا يسلم ثم يوتر بركعة ثم يسلم ، فهذه تسع ، ثم يصلي ركعتين وهو جالس ـ رواه مسلم وغيره .

الكيفية السادسة : يصلي تسع ركعات منها ستٌ لا يقعد إلا في السادسة منها ثم يتشهد ويصلي على النبي ثم يقوم ولا يسلم ثم يوتر بركعة ثم يسلم فهذه سبع ثم يصلي ركعتين وهو جالس ـ رواه مسلم وأبو داود وغيرهما .

ثم قال رحمه الله : ( هذه الكيفيات التي ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم نصاً عنه ، ويمكن أن يُزاد عليها أنواع أخرى وذلك بأن يُنقص من كل نوع منها ما شاء من الركعات حتى يقتصر على ركعة واحدة عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم ( الوتر حق ، فمن شاء فليوتر بخمس ومن شاء فليوتر بثلاث ومن شاء فليوتر بواحدة ) رواه الطحاوي والحاكم وهو حديث صحيح الإسناد ، فهذه الخمس والثلاث ، إن شاء صلاها بقعود واحد وتسليمة واحدة وإن شاء سلم بين كل ركعتين وهو الأفضل ) انتهى كلامه رحمه الله .

 قال ابن خزيمة في صحيحه (2/194) ( جائز للمرء أن يصلي أي عدد أحب من الصلاة ممّا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن صلاهن وعلى الصيغة التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن صلاها لا حظر على أحدٍ من شيء منها )

8- القراءة في ثلاث الوتر :

من السُنّة أن يقرأ في الركعة الأولى من ثلاث الوتر : سورة الأعلى وفي الثانية سورة الكافرون وفي الثالثة سورة قل هو الله أحد ، ويضيف إليها أحياناً سورتي الفلق والناس . والأحاديث في صحيح سنن الترمذي (462) و (463) وابن ماجه أيضاً ( 1172) وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قرأ مرة في ركعة الوتر بمئة آية من النساء ـ صفة صلاة النبي صـ122

9- دعاء قنوت الوتر وموضعه : بعد الفراغ من القراءة وقبل الركوع يقنت أحياناً بالدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم سبطه الحسن بن علي رضي الله عنهما وهو( اللهم اهدني فيمن هديت … ) رواه أبو داود والنسائي وهو في صحيح سنن الترمذي (464) ويصلي على النبي أحياناً لثبوتها عند الصحابة منهم أبي بن كعب في عهد عمر ، وأبي حليمة معاذ الأنصاري كذلك . ويجعله قبل الركوع لما ثبت من فعله عند أبي داود والنسائي وأحمد وغيرهم .

·   قال الألباني في قيام رمضان صـ31 : ولا بأس من جعل القنوت بعد الركوع ،ومن الزيادة عليه بلعن الكفرة والصلاة على النبي والدعاء للمسلمين في النصف الثاني من رمضان لثبوت ذلك عن الأئمة في عهد عمر رضي الله عنه كما ثبت في صحيح ابن خزيمة (2/155)

·   ومن السنة أن يقول في آخر وتره قبل السلام أو بعده ( اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك ، لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك ) صحيح سنن أبي داود (1282) والإرواء (430)

·  وإذا سلم من الوتر قال : سبحان الملك القدوس ( ثلاثاً ) ويمد بها صوته ويرفع في الثالثة ـ صحيح سنن أبي داود (1284)

هذا ما تم جمعه فيما يتعلق بأحكام قيام رمضان ، أسأل الله تعالى أن يوفقنا لاتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم .

 

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين