تفريغ المحاضرة
بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل ف هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمدا بده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهديه إلى يوم الدين .
أما بعد :
فبمناسبة هذه الدورة العلمية التي يدرس فيها جملة من الرسائل من المناسب أن يكون موضوع هذه الاكلمة تتعلق بالعلم وأهميته لأن في ذلك تشجيعا وتأييدا للاهتمام بهذه الدورات والعناية بها والحرص على المشاركة فيها وشغل الأوقات بحضورها والاستماع لما يلقى فيها لأن الوقت إذا لم يشغل بمثل هذه الأمور النافعة فإن أقل أحواله أن يضيع على الإنسان فلا يستفيد منه شيئا ، لكن إذا انتهز هذه الفرص وشارك في هذه اللقاءات وفي هذه الدروس المؤقتة التي تكون فيها كتب مختصرة توضح وتفسر وتبين ، يكون الإنسان إذا شارك فيها غنم غنيمة كبيرة وظفر بحظ وافر من هذا الخير العظيم الذي يلقى في هذه الدروس .
والعلم الشرعي أهميته عظيمة وذلك أن الله عزوجل اثنى على أهله وبين فضله في كتابه عزوجل ، وكذلك جاءت الأحاديث العزيزة في بيان فضله وبيان فضل حملته وبيان أهمية الاشتغال به ، جاء ذلك في سنة الرسول الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه .
ومما يبين أهمية العلم وبيان فضله في كتب الله عزوجل وأن الله عزوجل شهد لنفسه وأخبر عن شهادة لائكته وشهادة أولي العلم على أنه الإله الحق فقال عزوجل : -(شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)- [آل عمران/18]
ففي هذه الآية الكريمة شهادة الله عزوجل لنفسه والإخبار عن شهادة ملائكته له وكذلك شهادة أهل العلم ، فذكر أهل العلم ذكر شهادتهم مع شهادة الله وشهادة ملائته يدلنا على التنويه بشأن أهل العلم وبيان فضلهم وأن الملائكة في السماء يشهدون بهذه الشهادة العظيمة وأولي العلم يشهدون بهذه الشهادة العظيمة التي هي الشهادة لله عزوجل بالألوهية وأن الإله الحق الذي لا تكون العبادة إلا له .
فعطف شهادة أهل العلم على شهادة الله عزوجل وشهادة ملائكته بأن الله هو الإله الحق يدلنا على فضل العلم وأهله وبيان عظيم منزلتهم وعلو كانتهم عند الله عزوجل لأن الله تعالى نوه بذكرهم في هذه الآية الكريمة مع الملائكة بعد ذكر شهادته له سبحانه وتعالى بأنه الإله الحق .
وكذلك قول الله عزوجل : -(قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ )- [الزمر/9] أي أنهم لا يستوون ، لايستوي من هو عالم بالحق يعلم الحق ويعمل به ويدعو إليه ومن هو جاهل غير عارف بالحق والهدى ، لا يتوي هذا وهذا ، لا يستوي من هو عالم ومن هو جهول ، لا يستوي من هو عالم بالحق يعمل به ويدعو إليه ويبصر الناس به ومن و جاهل به لا يستوي هذا وهذا ، وهذا فيه تنويه بشأن العلم وفضله وأهميته وعظيم شأنه عند الله عزوجل .
وكذلك أمر الله عزوجل لنبيه أن يطلب المزيد من العلم حيث قال لله عزوجل يخاطب نبيه صلى الله عليه وسلم : -(وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا)- [طه/114] فإن زيادة العلم وحصوله والزيادة فيه زيادة في الخير وزيادة في أمر عظيم ألا وهو العلم الذي به التبصر الذي به السير إلى الله عزوجل على بصيرة ، وإذا كان لله عزوجل قد امر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يطلب المزيد من العلم فإن المشتغلين بالعلم عليهم أن يشتغلوا بطلب المزيد منه وعلى الاهتمام بتحصيله والعناية به .
وكذلك قول الله عزوجل : -(يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ )- [المجادلة/11] فإن الله عزوجل ذكر أهل العلم بعد ذكر المؤمنين مع أنهم من جملة المؤمينن وهذا من عطف الخاص على العام ، وذلك للاهتمام بالخاص لأنه ذكر مرتين مرة مع ذكر اللفظ العام الذي يشمل العلماء وغري العلماء ومرة بالتنصيص لى ذكر العلماء فيكون ذكرهم مرتين مرة وهم داخلون تحت اللفظ العام ومرة وهم مفردون بالذكر ، كل هذا يدل على التنويه بشأنهم وعلو مكانتهم .
وكذلك الله عزوجل أمر الناس بأن يرجعوا إلى أهل اللم وأن يستفيدوا منهم ، قال الله عزوجل : -(فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)- [النحل/43] فالرجوع إلى أهل العلم يعني كونهم مرجع للاس الناس يرجعون إليهم ويأخذون عنهم ويعرفون الحق والهدى طريقهم ويعبدون الله عزوجل على بصيرة ، وذلك عن طريق أخذه عن أهله الذين اشتغلوا فيه والذي اعتنوا فيه والذين هم مرجع فيه هذا يدل على فضل أهل العلم على مكانتهم وعلى أهمية العلم وعظيم شأنه وشأن حملته ونقلته ومن هم مرجع الناس فيه .
وأما سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فقد جاءت الأحاديث الكثيرو في بيان فضل العلم وأهميته وعظيم شأنه ومكانته ، فقد قال الرشول الكريم عليه الصلاة والسلام فيا لحديث المتفق على صحته عن أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : [ من يرد الله به خير يفققه في الدي ] فهذا يبين أن من علامة إرادة الله عزوجل الخير بالعيد أن يفققه في دين الله ، لأنه إذا فقه في الدين عرف الحق وعمل به ودعا إليه وكان يسير إلى الله عزوجل على بصيرة ويدعو غيره على بصيرة كما قال الله عزوجل : -(قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي )- [يوسف/108] .
وكذلك ما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه في ضمن او جملة الحيدث المشتمل على عدة فقرات وعلى عدة مل فيها الجزاء من جنس العلم قال فيه عليه الصلاة والسلام : [ ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريق الجنة] ، [ ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة ] وهذا يبين لنا أن الجزاء من جنس العمل ، فالعمل هو سلوك طريق يوصل إلى العلم والجزاء تيسير وتسهيل طروق طريق يوصل إلى الجنة ، هذا يدل على فضل العلم وأهله وأن من سلك الطريق الموصلة إليه فإن الله تعالى يجازيه بأن يهيئ له السبيل التي توصله إلى الجنة .
كذلك جاء في حديث أبي الدراداء رضي الله عنه مشتمل على خمس جمل وأول هذه الجمل الخمس هي الجملة التي جاءت في حديث أبي هريرة : [ ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريق الجنة] والجملة الثانية : [ وإن الملائكة تضع أجنحتها رضا لطالبا لعلم بما يصنع ] يعني ان الملائكة عندما تكون هناك مجالس العلم ويكون هناك اشتغال بالعلم فإن الملائكة تضع أجنحتها وتنزل وتجلس وتبقى مع مجالس الذكر ، فمجالس العلم تحضرها الملائكة والمجالس الأخرى التي هي مجالس الخنا والفجور تحضرها الشياطين ، هذه الجملة من الجمل التي جاءت في هذا الحديث والتي تبين عظم العلم وفضل العلم وفضل أهله وحملته وعظيم منزلتهم عند الله عزوجل وأن الملائكة تضع أجنحتها لطالبا لعلم رضا بما يصنع .
وكذلك الجملة الثالثة وهي كون الحيوانات وكون من في السموات والأرض يستغفرون لطالبا لعلم والمشتغل بالعلم حتى الحيتان في الماء فإذا كانت هذه العوالم العلوية والسفلية بما فيها لناطق وغير الناطق كل هذه المخلوقات وكل هذه الدواب الملائكة في السماء وهذه الدواب في الأرض حتى الحيتان في الماء كلهم يستغفرون لطالب العلم ، هذا يبين عظيم شأنه وأهمية العلم وأهله والمخلوقات التي لا يعلم عددها إلا الله زوجل في السموات وفي الأرض كلها تستغفر لأهل العلم وللمشتغلين بالعلم .
وكذلك أيضا الجملة الرابعة وهي ان النبي عليه الصلاة والسلام قال : [ وفضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ] ومعلوم أن القمر ليلة البدر إضائته عظيمة والناس يستفيدون منه ويرون يعني ويبصرون ما يريدون و[ وفضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ] يعني أن نور القمر هو العالم الاستفادة والاهتداء بما جاء عنه مثل اهتداء الناس بضوء القمر واستفادتهم الكاملة بضوء القمر ، وأما العباد فإنه مشبه بالكواكب التي ي ليست بشء بالنسبة لضوء القمر وذلك أن العالم علمه له ولغيره وأما العابد فعبادته له وحده ، العابد عبادته له الإنسان إذا صلى وصام صومه وصلاته له ، ولكن إذا اشتغل بالعلم وعرفه وعمل به ودعى إليه فإن النتيجة و الفائدة والثمرة تكون له ولغيره ، وهذا هو وجه بيان تفضيل العالم على العابد وأن الفرق بينهما كالفرق بين نور القمر ليلة البدر وبين ضوء الكواكب لأن هذا يستفيد ويفيد وأما العابد إن فائدته مقصورة عليه ، هذا فعه مقصور عليه وهذا فسعه متعدي .
والجملة الخامسة وهي الأخيرة قوله صلى الله عليه وسلم : [ وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم من أخذ به أخذ بحظ وافر ] ولهذاالأنبياء عليهم الصلاة والسلام ما جاؤوا لجمع المال وتوريثه لأقاربهم كسائر الناس وإنما جاؤوا بالعلم النافع الذي هو ميراثهم والذي هو مبذول لكل من أراده والموفق هو الذي يسعى إلى أن يكون له نصيب كبير منه وأن يعمل بهذا العلم ويدعو إليه .
فهذه الجملة تبين لنا عظم مكانة العلماء وأنهم ورثة الأنبياء وهذا يكفيهم شرفا لو لم يكن لهم من الشرف إلا هذا الشرف الذي و كونهم يوصفون بأنهم ورثة الأنبياء لكان ذلك كافيا وكان ذلك عظيما ، [ وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم من أخذ به أخذ بحظ وافر ] .
فهذا الحديث المشتمل على هذه الخمس جمل كلها دالة على فضل العلم وعلى أهمية العلم وعلى أن شأنه عظيم عند الله عزوجل وأن أصحابه بهذه المنزلة العلية وبهذه المكانة الرفيعة .
وكذل جاء عنه عليه الصلاة والسلام ان العلم الذي يحصله الإنسان ويورثه لغيره أنه يعتبر من الصدقات الجارية ومن الأشياء التي يصل إليها نفعه أي نفع العمل الصالح بعد موته ، وذلك أن علمه عندما يعمل به الناس وعندما يستفيد منه الناس وعندما يرجع إليه الناس ويعملون به فإن الله تعالى يثيب ذلك الذي ورث هذا العلم بمثل ما يستفيد الذين استفادوا من علمه كما قال عليه الصلاة والسلام : [ إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ]
فمر على كثير من العلماء مئات السنين مضى على موتهم مئات لسنين ومع ذلك هم موجودون بين النسا بعلمهم دائما يرجع الناس إلى كتبهم وإلى مؤلفاتهم فيستفيدون منها ويدعون لأهلها فيقولون قال فلان رحمه الله ، وقال فلان رحمه الله ويصل إليه هذا النفع بعد وته بمئات اسنين ، يصل النفع إلى ذلك الإنسان الذي خلف العلم وورث العلم بمئات السنين ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام [ أو علم ينتفع به ]لأنه يصل إليه بعد موته يصل إليه نفعه بعد موته ، لأنه يتبر من الصدقة الجارية التي هي مستمرة النفع ودائمة النفع وليس نفعها منقطعا ومنهيا وإنما هو دائم ومستمر ، فكذلك العلم الذي يبقى بالمؤلفات ويرجع الناس إليه في مختلف الأزمان وفي مختلف العصور والدهور ، فإن كل من استفاد من هذا العلم فإن الله يثيب ذلك الذي أفاد وهذا الذي دل على الخير بمثل ما استفاد به ذلك الذي عمل بهذا العلم والذي أخذه عن هذا العالم وقد قال عليه الصلاة والسلام : [ من دعى إلى هدى كان له الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجوره شيئا ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا ] .
ثم إن هذا يتعلق بالعلم عموما علم الكتاب والسنة سواء كان كتابا أو سنة ، لأن العلم الحقيق هو علم الكتاب والسنة ، فكل ما جاء في الكتاب والسنة المطهرة من ذكر العلم والثناء عليه إنما يراد به علم الكتاب والسنة العلم الشرعي ، العلم الذي هو علم الكتاب والسنة هذا هو الذي يمدح أهله ويثنى عليهم في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
وهناك أحاديث جاءت على فضل الاشتغال بالقرآن على سبيل الخصوص وأحاديث جاءت بالاشتغال بالسنة على سبيل الخصوص ، وكل من الكتاب والسنة أو الاشتغال بالكتاب والسنة داخل في الأحاديث العامة التي مرت في خحديث أبي هريرة وحديث معاوية وحديث أبي الدرداء وكذلك الحديث الذي يرجع فيه الأجر للإنسان بعد موت ، كل هذه تعود إلى كل من الكتاب والسنة .
لكن جاء بعض الأحاديث خاصة في الاشتغال بالقرآن ومن ذلم الحيدث الذي أخرجه لبخاري في صيححه عن عثمان رضي الله نه قال عليه الصلاة والسلام : [ خيركم من تعلم القرآن وعلمه ] وهذا يدل على فضل الاشتغال بالعلم وأهميته تعلما وتعليما ، وكذلك الحديث الآخر الذي في صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان له أمير على مكة فجاء إليه وسأله عمر رضي الله عنه من ولى على أهل مكة في حال غيبته ، فأخبره بأنه ولى عليهم ابن أبزى ، قال : ومن ابن أبزى ؟ قال : مولى من الموالي ، قال : وليت عليهم مولى ؟ قال نعم يا أمير المؤمنين إنه عالم بكتاب الله عارف بالفرائض ] يعني ذكر مسوغات التعيين ومسوغات الاختيار وهي كونه عالما بالكتاب وعالم بالفرائض والمقصود بالفرائض الأحكام الشرعية لأن الفرائض تطلق إطلاقا عاما يراد بها الفرائض العامة والأحكام الشرية ، ويطلق ويراد منها علم المواريث وهو جزء من الفرائض بالمعنى العام ، فأنه عالم بالفرائض يعني عالم بالأحكام الشرعية ، أنه عالم بالكتاب عالم بالفرائض يعني عالم بالأحكام الشرعية فعند ذلك عمر تذكر الحديث والشيء بالشيء يذكر كما يقولون فعند ذلك تذكر عمر الحديث وقال : [ صدق محمد صلى الله عليه وسلم : إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوما ويضع به آخرين ] فمن الناس من يرفع بالكتاب ومنهم من يوضع بالكتاب ، يرفع بالكتاب إذا أخذه على وجهه وعمل به ودعا إليه ، ويكون بخلاف ذلك إذا كان بخلاف هذا والعياذ بالله .
ومثله الحيدث الذي جاء في صحيح مسلم وهو قوله صلى لله عليه وسلم : [ والقرآن حجة لك أو عليك ] والقرآن حجة لك هذا الذي يرفع بالقرآن ، وحجة ليك : هذا الذي يوضع بالقرآن . هذا الذي يرفع الله بالقرآن من يكون حجة له والذي يضعه الله بالقرآن من يكون حجة عليه .
فهذا الحيدث يدلنا على عظم الاشتغال بالقرآن وعلو مكانته وعلو منزلة صاحبه عند الله وكذلك عند الناس .
وأما سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فقد جاء فيها الحيدث المشهور المتواتر الذي جاء عن أكثر من عشرين صحابيا وهو وقوله صلى الله عليه وسلم : [ نضر الله امرئ سمع مقالتي فوعاها وأداها كما سمعها ، فرب مبلغ أوعى من سامع ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ] وهذا فيه دعوة كريمة من الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام بأن ينضر الله وجه من اشتغل بسنة الرسول عليه اصلاة والسلام وحفظها وأداها وبلغها إلى غيره ، ففي ذلك بيان ظيم الاشتغال بالسنة وأهميته وعظيم مكانته لأن الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام دعا لمن كان كذلك بهذه الدعوة العظيمة دعا بهذه الدعوة العظيمة رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن كان مشتغلا بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام ، وهذا يدلنا على ظيم شأن الاهتمام بها .
فطالبا لعلم يعني يكون عنده همة ويكون عنده نشاط يكون عنده اشتغال بالعلم وحرص عليه ومذاكرة له ومداومة عليه ويكون وقف ويكون عرف أهميته ومنزلته في كتاب الله عزوجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فذلك يدفعه إلى الجد والاجتهاد وإلى الاهتمام والعناية بالانشغال بالعلم وذلك سواء كان في الدروس الدائمة المستمرة خلال العام ، أو الدروس الوقتية التي تأتي في مناسبات والتي يدرس فيها جمل من الرسائل القصيرة التي يها علم غزير فيها علم كثير فيكون الإنسان دائما على صلة بالعلم ودائما على اشتغال بالعلم في أيام حياته كلها وفي جميع السنة من أولها إلى آخرها وينتهز الفرص للاشتغال العلم وتحصيله متى وجد السبيل إلى ذلك ومثل هذه الدورات العناية والاهتمام بها وحضور الطلاب لها بحصل فيه الفائدة الكبيرة لا سيما والمدة وجيزة والانسان ندما يحافظ على حضور الدروس في هذه المدة الوجيزة يجب الثمرة في النهاية مع أن المدة قليلة ـ ما ضاع عليه شيء من الوقت كثير ولكنه مضى له وقت قليل وفيه فوائد عظيمة وفوائد جمة وفواد كثيرة ، ولهذا أنا أوصي بالحرص واهتمام بحضور هذه الدورات والعناية بها التي تكون في الصيف وتكون في مناسبات مختلفة في بعض العطل التي تتخلل الدراسة فيكون الإنسان النشيط المجد المجتهد هو الذي يشتغل في طول أيام السنة في دروسه في الجامعة وغيرها ، وكذلك يحضر دروس العلم في المساجد سواء كانت مستمرة طول السنة أو كانت مؤمقتة كهذه الدورات المختصرة القليلة المدة لعظيمة النفع العظيمة الفائدة .
وأسأل الله عزوجل أن يوفقنا جميعا لتحصيل العلم النافع وأن يوفقنا للعمل به إنه سبحانه وتعالى جواد كريم وصلى الله وسلم وبارك على عبده رسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .