الحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمّا بعد:
يقول: بعض أتباع الحلبي يصفون الإخوة الذين ينكرون عليهم بأنّهم حدّاديّة فكيف نتعامل مع هؤلاء؟
الجواب:
أقول:(رمتني بدائها وانسلّت)، الغلاة هم والانحراف عندهم هم ويرمون به من خالفهم، والحقّ أنّ هؤلاء الذين يشير إليهم السّائل أنا أعرف طائفةً منهم بهذه الصّفة التي ذكرها السّائل وإن لم يذكر الأشخاص لكن الوصف معروف، وأنا أسأل هذا الذي يقول له هذا القول: من هم الحدّاديّة؟وما طريقتهم؟ ومن الذي ردّ عليهم؟
الحدّاديّة هُم أتباع محمود الحدّاد، وطريقتهم معروفة ومعروفة ومعروفة وقد كُتب فيها وصُنّف من مشايخنا وتكلّمنا فيها عام 1414 هـ، يعني قبل كم من الآن؟ قبل تسع عشرة سنة، فنحنُ أوّل من ردّ على الحدّاديّة، ولكنّ هؤلاء لمّا أرادوا أن يتركوا الطريقة السّلفيّة ليتّحدوا هم والإخوان المسلمين أو إن شئت قُل: المُنتقى من الإخوة المُسلمين كمحمد حسّان ومن كان على شاكلته، وأبو الحسن ومن كان على شاكلته، ما المغرواي وما أدراك ما المغرواي ومن كان على شاكلته، وكلّ من فارق الدّعوة السّلفيّة إمّا بتكفير وغلوّ كالمغراوي ومن كان على شاكلته، وإمّا بتمييع وأقول هذه الكلمة بملء فِيَّ يرضى من رضي ويأبى من يأبى، وَلْنقف جملة معترضة عند كلمة (تمييع) قبل أن ننطلق إلى الجواب، هذه الكلمة اليوم نسمع بعض المتحذلقين يقول: لا وجود لها لا في اللّغة ولا في الشّرع فهي ما هي موجودة في اللّغة العربيّة وليست موجودة لم تُؤثر عن أحد من السّلف فإطلاقها خطأ من ناحية اللّغة ومن حيث الشّرع؛ هكذا قرّر هذا المُقرّر ولكلّ ساقطة لاقطة، ثمّ بعد ذلك جاء بثالثة الأثاثي وهي: أنّ الذين قالوها ليس لهم مستند إلاّ سيّد قطب، شوف! ليس لهم مستند إلاّ سيّد قطب، ثمّ ذهب ينقل من كتب سيّد قطب في أربعة مواطن خمسة مواطن ستّة مواطن لا أدري كم موطن.
سيّد قطب لتعلموا جميعاً أطلق هذه اللّفظة على أهل السُنّة الذين لا يُوافقونه في تكفير النّاس لأنّه يُكفِّر المجتمعات فمن لم يُكفِّر فهو مُميّع عنده فأطلق هذه اللّفظة، وإطلاقه لها ومراده منها المعنى الباطل ليس معنى ذلك أنّنا لا نستخدمها نحن، أبدًا؛ هذه الكلمة ثابتة لغة ومعروفة عند أصحاب رسول الله –صلّى الله عليه وسّلم- ومعروفة عند علماء الإسلام، أمّا في اللّغة فإنّ العرب يُطلقون على عكس ما قال هذا المُتحذلق يُطلقون المُيوعة على السّحاب إذا جرى، وهل السّحاب بالله مائع؟ من السّوائل؟ يُحقن في القارورة والجالون، ويُطلقون مائع على الفرس إذا جرى فهل بالله الفرس إذا جرى سال وذاب وحطّيناه في قارورة؟ ويُطلقون المُيوعة على ناصية الفرس إذا طالت وسالت فأشبهت السّائل لأنّها استرسلت فهل بالله عليكم ناصية الفرس ذائبة من السّوائل كالزّيت ونحوه؟! ويُطلقون أيضاً المائع على الأحمق (الأحمق) الرّجل الأحمق يُسمّونه مائع فبالله عليكم هذا الرّجل الذي يُسمّى مائع يعني أحمق هل هذا من السّوائل؟ سيّلناه وجعلناه في قارورة؟ هذا موجود أيضاً في لغة العرب، ويطلقون المائع على أوّل النّهار وفوعته، ويُطلقون المائع على أوّل الشّباب السّن وفوعته وشرّته في أوّل أمره، فبالله عليكم الشّابّ في أوّل عمره حينما يكون عنده شيء من الانحراف هُنا وهنا يقولون عنه: مائع هذا بالله سائل من السّوائل؟ أنا أسألكم! هذا كُلّه مرصود في كتب اللّغة ولكنّ صاحبنا ما عرف إلاّ اثنين من كتب اللّغة ولم يُكملها نقل وبتر، فنقل عن مقاييس اللّغة لابن فارس ونقل عن كتاب آخر وُهو الصّحاح للجوهري مع أنّ الصّحاح فيه شيء من هذا لكنّه بتر الكلام ليُدلّل أنّ كلمة مائع لا تُطلق إلاّ على إيش؟ على السّوائل الذّائبة، وهذا كلام العرب إن شئتم راجعوه في (لسان العرب) وإن شئتم راجعوه في (القاموس) وإن شئتم راجعوه في (التّكملة والصّلة) لما فات القاموس من اللّغة، وإن شئتم فراجعوه في (تاج العروس شرح القاموس) هذه بعض الكتب هذا الكلام فيها إذا لم تجدوه فأنا ضمين لكم وموجود ومسجدي معروف فارجعوا وقولوا أنت تُخطئ أو تكذب على العلماء، فالعرب استخدمت ميوعة في هذه الأمور كلّها، وليست في السّوائل فقط.
فإذن: استخدامهم لها هنا ما هو؟ استعارة على لغة أهل البلاغة، استعاروا هذا اللّفظ من الذّائب المائع السّائل إلى الصّلب لمّا تليّن وتساهل حتّى سال أشبه السّائل فذوبان السُنِّي في أهل البدعة حتّى يغيب بينهم هذا ذوبان، وذوبان الرّجل بين أهل الفسق حتّى يذوب بينهم هذا ذوبان وهذه ميوعة –وهكذا- قُل ما شئت، فهذا استعارة استعاروها من السّوائل إلى الجامدات بجامع اللّيونة والجريان في كلّ، بجامع إيش؟ اللّيونة والذّوبان والجريان في كلّ، والعرب تعرف هذا، وأمّا في الشّرع فقد سُئل عبد الله بن مسعود –رضي الله تعالى عنه- عن قوله تعالى: ﴿إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الأَثِيمِ كَالمُهْلِ يَغْلِي فِي البُطُونِ كَغَلْيِ الحَمِيمِ خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الجَحِيمِ ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ﴾–إيش- ﴿الحَمِيمِ ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الكَرِيمُ﴾ هذا لمّا سُئل عنه عبد الله بن مسعود وكان على بيت المال بالكوفة وقد بقي ببيت المال شيء من فضّة فذهب إليه وأمر به فأخرج ثمّ أضرم عليه النّار يقول الرّاوي: (حتّى إذا أخذت تميّع وتتلوّن) فقال لهم عبد الله بن مسعود:(ما شيء ممّا سألتم عنه أشبه منه بهذا) تتميّع وتتلوّن ذابت بعد أن كانت صلبة كُتلة فضّة ذابت فلمّا ذابت وتلوّنت قيل فيها تميّعت وتلوّنت فقال لهم هذا –رضي الله تعالى عنه-.
فالتّلوّن في دين الله جلّ وعلا والذّوبان من هذا الرّجل في أهل الباطل من السُنِّي بين أهل الباطل هذه هي المُيوعة شاءها هو أم أباها، وكما قُلتُ لكم أيضاً التّشبّه بالكُفّار والتّحلّي بلباسهم والاتّصاف بصفاتهم تميّع للمسلم وإذهاب لشخصيته حتّى تذوب في هؤلاء الكُفّار، فالميوعة هي اللّيونة والتّلوّن والذّوبان والسّيلان –نسأل الله العافية والسّلامة- فاستُعيرت من السّوائل إلى الجامدات إذا صارت على هذا النّحو وهذا معروف في لُغة العرب، فالقول بأنّها لا أصل لها في لغة العرب ولا في الشّرع هذا قولٌ يرُدّه مُعجم أو معاجم لغة العرب وتردّه كتب التّفسير الموجودة بين أيدينا، وأمّا إطلاقها كما يقول هذا القائل يقول: يُطلقونها على من يتهيّبون أن يُبدّعُوه، نقول له: نعم، نقول متميّع، فإذا قام به وصف البدعة والله وبالله وتالله لَنُبدّعنّه ولا نُبالينّ به (ما الكريم على القلم مُحرّم)، ففي أوّل أمره يتميّع ثم ينتهي بعد آخر أمره إلى أن يُضيَّع فيذوب في أهل الكُفر إن كان من أهل الفسق والفجور، ويذوب في أهل البدع إن كان من أهل الإسلام والسُنّة، والله لو قامت به البدعة لوصفناه بها وما بالينا، والله الذي لا إله غيره لو قامت به البدعة لوصفناه بها وما بالينا ما الذي نخافه؟ نحنُ لا نخشى إلاّ الله –تبارك وتعالى-، ولكن هذه مُقدّمة يتميّع الإنسان حتّى يذوب في أهل البدع ويُصبح الحساسيّة عنده من البدع ومن أهلها ضعيفة أو منعدمة فيصبح بعد ذلك المبتدع قعيدُه جليسُه أكيلُه شريبُه صحيبُه كما سمعتم في هذه الآثار، فهذا هُو التميّع، فما كان بالأمس مُنكرا عنده أصبح اليوم معروفاً عنده، وما كان بالأمس معروفاً عنده أصبح اليوم مُنكراً عنده هذا هو التلوّن في دين الله وهو الذي قاله حُذيفة لأبي مسعود حينما وصّاه وقال له:(إيّاك والتلوّن في دين الله تبارك وتعالى).
فبالأمس (علي حسن) ويُسطّر هذا بيده في كتابه الذي يُسمّيه منهج السّلف الصّالح يقول: كان يُنكر هذا من زمان كم سنة وأنّه من سنين أحسّ بهذا الغلو الآن يُريد أن يرجع على عقبيه يُريد أن يرجع إلى أصحابه الذين قدموا عليه مؤخرا فيرضيهم بما؟ بالطّعن في أهل السُنّة وأنّه من قديم أحسّ بشيء من هذا الغلو فأصبح يُنكره عليهم الآن ويستغفر الله ممّا كان عليه قبل -هكذا يقول-، هذا الذي نقوله نحنُ بملء أفواهنا، البليّة كلّ البليّة والرّزيّة كلّ الرّزيّة أن تعرف ما كنت تُنكر وتُنكر ما كُنت تعرف وهذا مسطور هُو بنفسه كاتبه، فإذا كان هو الآن يُنكر هذا الحال ورجع إلى ما يقوله قبل سنين ويقول: إنّه كان يقصد به كذا وكذا وكذا فالآن يستغفر الله ممّا كان منه يعني الذي كان عليه من السُنّة قبل وثباته عليها قبل فرجع الآن إلى كلّ السّلفيّين فهذا هُو الذّوبان هذا هو الذّوبان –نسأل الله العافية والسّلامة-، فشيء عجيب يُقال أنّ التّميّع لفظ ما هو موجود لا في اللّغة ولا في الشّرع هذه كتب اللّغة وهذا كلام أصحاب رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم-.
أمّا قوله إنّهم لابدّ يستخدمه علماء الجرح والتّعديل علماء الجرح والتّعديل كلماتهم أنت شوف أنظر فيها، الجرح والتّعديل ماشي وتطوّر يتطوّر فتجد عند الأوّلين ألفاظ قليلة وهذا معروف عند أهل المُصطلح لمّا زاد وتقدّم التّاريخ زادت الألفاظ بعد ذلك زادت أكثر بعد ذلك ..وهكذا حتّى ضُبطت بمراتب، فهذا اللّفظ الذي استخدمه العلماء معروف إذا كان يُنكره (علي حسن) علينا مثلاً هو موجود في كلام شيخه الذي يدّعي أنّه شيخه و الألباني قد ضرب مثالاً بأنّ من المُستفيدين وليسوا من طلاّبه من المُستفيدين (علي حسن عبد الحميد)، وأنا سمعت هذا الشّريط وقلت: الحمد لله الذي لم يجعل الشيّخ ناصر –رحمه الله- يجعل مثالاً للمُستفيد الذي هو مُستفيد وليس من تلاميذه مُستفيد، لكن طالب تلميذ لا، ما جعل مثالاً إلاّ (علي حسن)؛ فقلت: الله أكبر كأنّ الله وفّق هذا الإمام لأن ينطق بهذه الكلمة لما يعلمه الله في مستقبل العصر والدّهر ممّا سيكون من هذا الرّجل، فضرب مثالاً للمستفيدين منه وما هم تلاميذ، تلاميذ بالمعنى العام إلّي استفادوا من كُتبه (علي حسن)؛ هذا موجود مُسجّل بصوت الشّيخ ناصر وهو موجود في النّتّ.
فالآن إذا كان يُنكره هو أو غيره ممّن يزعمون أنّ المشايخ الآن تغيّروا هذا كلام الشّيخ موجود فيه فقد تكلّم على هذه المسألة ومسألة تمييع الإنسان حتّى يذوب في غيره تكلّم عليها الشّيخ ناصر –رحمه الله- في مسألة ميوعة المرء حتّى يُشابه أعداء الله.
وهكذا أيضاً الشّيخ ابن عثيمين –رحمه الله- استخدم هذا اللّفظ وتكلّم عليه في مسألة التّميّع في دين الله تبارك وتعالى وأنّ الإنسان قد يلين ويلين حتّى تأخذه الميوعة حتّى يخرج ويترك ما عليه من الصّلابة في دين الله تبارك وتعالى ويخرج على الذّكورة والرّجولة وحزم الرّجال إلى التّميّع الذي ليس من طباع الرّجال وهكذا الشّيخ الفوزان استخدمه وهكذا...، بل بعض هؤلاء إلّي الآن يُنكرونه في كلماتهم القديمة موجود استخدام هذا اللّفظ فما بالهم اليوم يُنكرونه!! لأّنهم قد وقعوا في مدلوله، فلمّا وقعوا في مدلوله ذهبوا يُنكرونه، فافهموا هذه –بارك الله فيكم-.
فأقول: إنّ هؤلاء الذين يصفونكم ويقولون عنكم إنّكم حدّاديّة لأنّهم هُم تميّعوا وتركوا السُنّة وذهبوا وأصبحوا يُمالئون أهل الأحزاب والبدع.
فكما قُلتُ لكم: بالأمس إحياء التّراث لا يُؤخذ منها واليوم جمعيتنا المباركة، نعم.
بالأمس: فلان إخواني اليوم لا صاحبهم سلفي وتاب، اليوم يراه على مرأى ومسمع من عينيه ومن العالم كلّه، ويسمع صوته أنّه ( كلمة لم أفهمها) في المظاهرات ويقول عنها: هذه المظاهرات إلّي فيها وإلّي فيها ويمدحها ويقول عن الذين خرجوا فيها من الغوغاء والهمج والرّعاع يقول عنهم: هذا الشّباب المؤمن التقيّ الطّاهر ومع ذلك يمدحه، ثمّ يأتي ويقول: وخرجت أنا وزوجتي وأولادي ومع ذلك يمدحه، وبعد ذلك العذر أقبح من ذنب يقول: لا، أنا أذنت بالردّ عليه، أنتَ أنتَ الذي مدحته مُطالب بأن تُبيّن موقف الإسلام من هذا وأمثاله الذين يُضلّون النّاس، دَعكَ من غيرك، أنتَ الذي تكلّمت أمس الآن يجب أن تُبيّن موقفك هذا هو الذي نقوله.
فالحدّاديّة ما ردّ عليهم إلاّ نحن ولا بيّن أمرهم في أوّل الأمر إلاّ نحن ومشايخنا في المدينة لأنّهم تركوا طريق السُنّة إلى الغلوّ، وهؤلاء تركوا طريق السُنّة إلى البدع والميوعة وترك ما عليه السّلف الصّالح –رحمهم الله تعالى-، فبين تبذيرٍ وبُخلٍ رُتبة وكِلا هذين إن زاد قتل
والله سُبحانه وتعالى قد بيّن لنا ذلك، والنبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- قد بيّن لنا ذلك فقال –صلّى الله عليه وسلّم-:(إنّ من إجلال الله إكرام ذي الشّيبة المُسلم، وذي السّلطان المُقسط وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه) فلا غلوّ ولا جفاء فلا إفراط ولا تفريط وأهل السُنّة وسط في جميع الأمور في إثبات ذات الله –تبارك وتعالى- وأسمائه وصفاته وإثبات توحيده وفي اتّباع رسوله -صلّى الله عليه وسلّم- ومحبّته وفي باب القدر وفي باب الصّحابة وفي باب الأقوال والأفعال بإدخالها في مسمّى الإيمان إلى غير ذلك من أبواب العقيدة كما ذكر ذلك علماء السُنّة وعلماء الحديث –رحمهم الله تعالى-.
لكن هؤلاء لمّا رأوك تُحذّر منهم وصفوكَ بالغلوّ ولا يضيرك بإذن الله -تبارك وتعالى-، فاثبت على ما أنت عليه من التّمسّك بالحقّ والسُنّة ولن يضرّك بإذن الله جلّ وعلا.
أحد الإخوة: حتّى هذه أوترت على الشيخ عبد المالك فيما يقول: أشدّ من الحدّاديّة.
الشّيخ محمد: ما يخالف.
الأخ: جواب واحد؟
الشّيخ: نعم
مواعيد أكتوبر 2025
الآن 27
هذا اليوم 3111
بالامس 5890
لهذا الأسبوع 32749
لهذا الشهر 99510
لهذه السنة 1772356
منذ البدء 16233632
تاريخ البدء 2015/05/05
أعلى إحصائية 18201
بتاريخ 2019/11/14